الذي يعطي للفعل الإنساني صورته الخارجية ، والعلاقة بين هذين العنصرين هي علاقة تطارد ودفع ، فكما استحوذ أحدهما على مساحة ما في داخل القلب كلما أزاح الآخر عنه ، والعكس صحيح أيضاً.
وقد اقترن الفلاح الناجم عن تغليب عنصر التقوى ، أو الخيبة الناجمة عن تغليب عنصر الفجور بدوائر أربع تمثل بمجموعها الصورة الشمولية لتشكلات الفعل الإنساني وبواعثه ، فهذا الفعل يتعلق بالدوائر التالية :
١ ـ دائرة الذات ، فثمة أفعال تتعلق بالذات فقط.
٢ ـ دائرة المجتمع ، وفي هذه الدائرة تنضوي جميع أفعال الإنسان وعلاقاته مع الآخرين.
٣ ـ دائرة الطبيعة ، وتمثل الوسط الذي يتعامل به الإنسان مع الطبيعة بكل ما فيها من موارد وامكانات.
٤ ـ دائرة الله تعالى ، وفي هذه الدائرة التي تغلف جميع هذه الدوائر وتحكمها ، ينظم الإنسان علاقاته مع الله سبحانه وتعالى.
ولا ريب أن حدود العصمة ـ كما هو الذنب ـ هي هذه الدوائر جميعاً ، وقد حدد العقل التشريعي (١) جملة من القيود على ارادة وعاطفة الإنسان الذي شرّع له هذا العقل ، في تعامله مع هذه الدوائر ، وهذه القيود لا تقف عند حدود الواجب ومتعلقاته وهي دائرة الحلال والحرام وما يرتبط بهما من مستحبات ومكروهات فحسب ، وإنما تمتد إلى الأوسع منها ، وتتداخل ضمن دائرة المباح التشريعي ، فتعمل في غالب الأحيان على تقييدها
____________________
(١) نريد بهذا المصطلح فعل الأولى والأحسن في قبال التناهي عن الأقبح ، سواء كان ذلك ضمن دائرة الحلال والحرام أم في الأوسع منها ، فترك الركض أمام الناس ليس واجباً تشريعياً ، ولكن دخالته في مسائل الوقار الاجتمعاي والذاتي جعلته مطلوباً لدواعي الكمال.