العصمة في الدليل القرآني
في ما يبدوا فإن القرآن الكريم قد تحدّث عن العصمة في صور ثلاث ، نجد الصورة الأولى منها مرتسمة في حديثه عنها بشكل مباشر ، مبيّناً وجودها ، وقد استوفى الحديث عنها مرة بصورة فكرية بحتة أي أنه عرض لوجودها كأمر لابد من حصوله ، وثانية باعتبارها أمراً منجّزاً في الواقع التاريخي ومجسداً في الواقع الاجتماعي ، حتى لا يبقي الفكرة عرضة لو هم فقدانها لمصاقها الاجتماعي وتجسّدها التاريهي فتّتهم بالطوباوية ، وترتسم الصورة الثانية في حديثه عن ملازماتها كحديثه عن الطاعة والهداية والشهادة وما إلى ذلك ، فيما نلمح في الصورة الثالثة حديثه عن الكيفية التي تتشكّل فيها العصمة في النفس الإنسانية معرباً عن وجودها ككامن يستقر في غياهب هذه النفس.
وفي هذه الصور يمكننا تلمّس العصمة مرّة باعتبار ما يترتب عليها من أمور تتعلّق بالمعصوم عليهالسلام تارة ، وبالمكلّف باتباعه والاقتداء والتأسّي به أخرى ، وثالثة بعنوانها خياراً إلهياً أتيح للإنسان كي يسير نحو مراتب الكمال القاصية ، وسنجد أن هذا الخيار لايستلزم اقترانه بالوحي النازل على الأنبياء عليهمالسلام كما اشترط بعض المفكرين من العامة. (١)
____________________
(١) محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين من العلماء والحكماء والمتكلمين : ٢١٨ للفخر الرازي (ت ٦٠٦ هـ) ؛ مكتبة الكليات الأزهرية ـ القاهرة. بدون الطبع. وأشار إليه الحكيم الترمذي في : نوادر الأصول في أحاديث الرسول ٢٥٩ : ١ ؛ دار =