بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ) (١).
٢ ـ أهواء النفس : وهذه الأخرى تمثل أحد المعوّقات الكبرى والرئيسة القادرة على إشغال المكلّف وابعاده عن مسار الهداية الربانية ، كيف لا؟ وقد وصفها القرآن بانها يمكن أن تصنع من نفسها إلهاً يبعد الإنسان عن ربه كما في قوله تعالى : (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً) (٢).
٣ ـ الشيطان الرجيم : وهو كما وصفته الآية الكريمة : (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لاَ تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) (٣).
٤ ـ إغراءات عالم التسخير ، فهذا الكون الذي سخّر لهذا المكلّف يقدّم إغراءات جمّة للتناحر والإفساد ، وهذه الإغراءات يمكن أن تكون هي موضع إغواء الشيطان وخداع أهواء النفس ، إذ بدونها يفقد الشيطان الكثير من إمكانيات الوسوسة ، وتفقد قابليات أهواء النفس الكثير من مثيراتها.
٥ ـ العلاقات في ساحة التكليف ، وما تفرضه بعض أنواع العلاقات من تقليب الأمور على المكلّف بحيث لا يبصر طريق الهدى وسط إثارة أهواء النفس ، وهذا النمط من العلاقات هو أحد العوامل الأساسية التي أطاحت بإبليس ، فلقد كان عابداً لله ، ولكن ما أن طرأ عنصر علاقة جديدة في ساحة التكليف حتى سقط في مهاوي أهواء النفس. (٤) وهذا العنصر مثله مثل الذي
____________________
(١) الأنعام : ١١٩.
(٢) الجاثية : ٢٣.
(٣) يس : ٦٠.
(٤) المعوّقان الأخيران وإن أفضيا إلى المعوّقين الذين قبلهما ، إلاّ انهما يشكلان المثير الخارجي لتفعيل ما قبلهما ، فنمط التسخير وإغراءاته هي التي جعلت الملائكة تستثار لوجود مخلوق بهذا التركيب وسط هذه الإغراءات فقالت قولتها المعروفة : (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ =