سبقه يمثل أحد الوسطين الذي تتفاعل بسببهما اغواءات الشيطان وأهواء النفس.
ومن عدل الله سبحانه وتعالى مع خلقه انه ما كان ليتركهم دون مناهج هداية تبعدهم عن هذه المؤثرات أو تحجّمها ، وبالتالي لتدفعهم نحو الغاية الربانية ، لهذا كان مقتضى عدله ، أنه ألزم نفسه بأن يرسل لهم مناهج هداية تدفع بهم نحو الهدى ، وتدراً عنهم الضلال كما يصوّرها القرآن الكريم : (مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) (١) وقد أنجز الله ما وعد اله ما وعد فأرسل (رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً) (٢) ووصف عملية الإرسال بأنها رحمة (وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (٣).
ومن الواضح أن هؤلاء الرسل طالما انهم أرسلوا بهذه المهمة فسيلزم أن تكون طاعتهم واجبة على من أرسلوا إليه ، وبموجب هذه الطاعة ستتم محاسبتهم ومكافأتهم كما قال الله تعالى : (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ) (٤) لأن هذه الطاعة ستكون هي سبيل
____________________
= الدِّمَاءَ) [البقرة : ٣٠] ، ونمط العلاقات هو الذي منح الشيطان الأرضية اللازمة لتحقيق وسوسته كما يتراءى لنا ذلك في قصة آدم عليهالسلام (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ) [الأعراف : ٢٠].
(١)الاسراء : ١٥.
(٢) النساء : ١٦٥.
(٣) الأعراف : ٥٢.
(٤) النساء : ١٣ ـ ١٤.