حدود العصمة
وإذا كان الأمر كذلك ، فإن من الطبيعي أن نواجه السؤال التالي : ما هي حدود هذه العصمة ـ الضرورة؟!
وقد جابه المسلمون هذا السؤال بعدما النتهوا من تحديد ضرورية العصمة ، ولكن سرعان ما اختلفت فرقهم ومذاهبهم في تحديد حدود هذه العصمة ، فمنهم من حصرها بالتبليغ ، ومنهم من حصرها في الكبائر دون الصغائر ، ومنهم من حصرها في الوعي دون الغفلة والسهو النسيان ، ومنهم من حصرها في الوعي دون الطفولة ، ومنهم من قال بأن المعصوم يولد وهو معصوم ، منهم غير ذلك كما أشرنا إلى ذلك من قبل ، وقد قالت الإمامية بعدم وجود حدّ لهذه العصمة ، بل هي شاملة لكل شيء في هذا الوجود فقال الشريف المرتضى (قدّس سرّه الشريف) : لا يجوز عليهم شيء من المعاصي والذنوب كبيراً كان أو صغيراً ، لا قبل النبوة ولا بعدها ، ويقولون في الأئمة مثل ذلك. (١)
ولوساءلنا القرآن عن طبيعة هذه الحدود ، لوجدنا أن آياته الكريمة تدلّنا على شمولية العصمة لكل شيء في هذا الوجود ، وكما هي عادته فقد أجمل الحديث في آية ، وفصّله في آيات ليؤدي كل منهما إلى الآخر.
فلقد رأينا في آية التطهير (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ
____________________
(١) تنزيه الأنبياء : ٢٧ لعلم الهدى علي بن الحسين الموسوي المعروف بالشريف المرتضى (ت٤٣٦ه) ؛ مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ـ بيروت ١٩٩١ ط ١.