خلال أنماط العصمة التالية :
تحدّث القرآن الكريم عن عصمة المعصوم عليهالسلام العلمية كما أشرنا إلى ذلك في آية الراسخين في العلم ، حيث ميّزهم بميزتين ، أولهما : انهم يفترقون عن الذين في قلوبهم زيغ نتيجة مؤهلاتهم الذاتية ، وهذا التمييز ليس تمييزاً عابثاً ، بل هو يشير بالتأكيد إلى ان قلوب هؤلاء الراسخين مصفاة من الزيغ ، مما يجعل قلوبهم قابلة لتلقي الفيض الإلهي الخاص بعلم تأويل الكتاب ، وهذه هي الميزة الثانية ، ولا ريب أن العلم الناتج عن هذا الفيض هو علم معصوم ، ويتعلّق بهذه العصمة كلّ ما يترتّب عليها من شؤون التبليغ.
وترينا الآية الكريمة : (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (١) تقريب آخر لهذا الحد من حدود العصمة ، إذ لا يمكن أن يعلّق الحساب الإلهي (ثواباً أو عقاباً) على الأخذ بما أتى به الرسول ، أو التناهي عمّا نهى عنه إلا لكون ما يأتي به الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وما ينهى عنه معصوماً.
في قوله تعالى : (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) (٢) وهذه الولاية الشاملة التي تمتد إلى كل خصوصيات الإنسان بما فيها حياته الذاتية فضلاً عن مسائل الحسبة والحكم ، لابد أن تكون تطبيقاتها معصومة ، لأن افتراض
____________________
(١) الحشر : ٧.
(٢) الأحزاب : ٦.