عدم عصمتها سيؤدي حتماً إلى إلحاق الظلم والأذى والضرر بالمكلّفين باتباع هذه الولاية ، مما يقدح بعدالة الآمر لهم باتباع هذه الولاية ، وهذا باطل جزماً.
كما إن افتراض عدم عصمة هذه الولاية سيجعل هؤلاء المكلّفين بين نقيضين ، بين أن يتبعوا ولاية النبي وينجّزون ما يترتب عليهم من شؤونها ، وبين أن يخالفوه عملاً بمبدأ عدم فعل الخطأ ، وهذا ما يبطل أصل الولاية لتعارض قدرة المكلّف في اتباع الأمرين معاً.
وعدم عصمة الولاية هذه سيؤدي إلى انحسار الالتزام بها ، لأنها قائمة على إرادة جزافية ، مما يغري المكلّف بعدم الطاعة ، وهذا خلاف حكمة البارىء جلّ وعلا.
وبملاحظة أن هذه الولاية مستمدّة من الله سبحانه وتعالى كما يشير إلى ذلك قوله تعالى : (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ) (١) وهذه الولاية لا يمكن لله أن يولّيها من لا قابلية ذاتية له في نفسه تمكّنه من الاعتصام عن الظلم ، وإلا كان الله شريك من يولّيه في ظلمه وخطئه في حال وقوعه في ذلك ، تعالى الله العدل عن ذلك علوّاً كبيراً.
كما ان الله تعالى لا يمكن أن يدخل في حزبه من يتولّى قوماً وهم من أهل الأخطاء والمعاصي ، فهو مخالف لحكمته سبحانه ، فكيف ينهى عن شيء ، ثم يثيب العاصي له في نهيه هذا (وقد نهى عن كل ذنب وخطأ) بأن يجعل له الولاية على عباده؟! وقد يكون فيهم من لم يعصه في نهيه هذا ، مما يوقعنا في خلاف آخر مع عدالته جلّت قدرته!
وحينما تكون الولاية الالهية الممنوحة للرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم تشمل الولايتين
____________________
(١) المائدة : ٥٥ ـ ٥٦.