التشريعية والتكوينية ، (١) فما من شك أن عصمته (صلوات الله عليه وآله) تشمل كل ما يتعلق بساحة هاتين الولايتين ، لأنه لا يعقل أن يمنح الله ولايته لمن يخلّ بمتطلباتها ن لأنه سيكون بمثابة ثوابٍ على خطأ.
وتتبع هذه الآية آيات أخرى لا تقل دلالتها على ما نريد قوله ، إذ يظهر قوله تعالى : (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (٢) ، وكذا قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) (٣) ، وعدّة آيات أخر مظهراً آخراً من مظاهر عصمة الولاية ، وذلك لأنه هنا ألزم بالطاعة ، وجعلها في طول طاعة الله سبحانه وتعالى ، ومن أمر الله بطاعته لا بد وأن يكون معصوماً ، لاستحالة أن يأمر الله بطاعة من يمكن أن يخطىء ، وسيأتيك بيانه بعد حين.
في قوله جلّ تعالى : (فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (٤) نجد نفس العصمة ولكنها هذه المرة في ساحة القضاء ، فهذا الجزم في وجوب طاعة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم في قضائه والذي لا يتوقف عند الصورة الظاهرية للأحكام بل تجده يمتد حتى أعماق شغاف القلوب ، لا يمكن إلا أن يكون صادراً إلا عن اطمئنان بعصمته ، لأن امتداد الأمر إلى أن لا يجدوا في أنفسهم أي حرج مما
____________________
(١) ننصح بمراجعة كتابنا : الولاية التكوينية الحق الطبيعي للمعصوم عليهالسلام ففيه غنىّ للمستزيد.
(٢) آل عمران : ١٣٢.
(٣) النساء : ٥٩.
(٤) النساء : ٦٥.