يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) (١) تنافي هذه العصمة ، فالحديث هنا عن تمنيات الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بهداية الآخرين ، وهي الهداية المنطلقة من طبيعة رحمته بالعالمين بحيث يتمنى لجميع الخلق أن ينهلوا من مناهل الخير ، ولا يتمنى لهم الضلال لمعرفته بنتائج كلا الأمرين.
أولى الله سبحانه رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم مهمة الشهادة على كل الأمم قديمهما وحديثها ، فقال سبحانه في الآية الكريمة : (وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً عَلَى هؤُلاَءِ) (٢) وقال : (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هؤُلاَءِ شَهِيداً) (٣) وشهادة كهذه وبهذه الشمولية لا بد وأن تكون مسداة إلى من لا يشهد بالزور ولا يخون الشهادة ولا يكتمها ، بل مثلها إنما تسدى لمن تملّكته العدالة الكاملة بحيث انه لا يحيد عنها مطلقاً ، وهو ما يطابق معنى العصمة.
وفي هذه العصمة التي تشير إليها آيات عديدة منها الآية الكريمة : (إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلاَ تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ) (٤) بنفس دلالات الآيات السابقة ، فالتبشير والانذار من مهمات الرسالة البديهية ، ولا يعقل أن لا يكون الرسول صلىاللهعليهوآله فيهما معصوماً.
____________________
(١) القصص : ٤٦.
(٢) النحل : ٨٩.
(٣) النساء : ٤١.
(٤) البقرة : ١١٩.