امتداد العصمة
أظهر البحث في حدود العصمة المساحة الأفقية التي يتمدد بها بساط العصمة أن المعصوم الواحد يتمتع في آن واحد بعصمة العلم والتشريع وعصمة الولاية وعصمة الأمانة وعصمة التسخير وغيرها بالصورة التي تظهر شمولية عصمته ، ويتبقى علينا أن نبحث عن المساحة الزمنية للعصمة ، وبكلمة أخرى يتوجّب علينا التساؤل عن مدى صلاحية العصمة للامتداد الزمني ، ففي ما سلف كان المبحث يركز على المقام أكثر من تركيزه على شخص ، فهل ان العصمة ترتبط بهذا المقام حتى إذا ما غاب الشخص امتدت مع من يحتل محلّه؟ أم أنها وقف على ذلك الشخص بحيث إنه إذا ما غاب غابت معه العصمة ومن ثم ليغيب معه المقام؟.
وهذا البحث رغم انه من المباحث الجوهرية التي تجابه الباحث في العصمة ، إلاّ ان الملاحظ ان العديد ممن تحدّثوا فيها لم يعطوه جانباً من الاهتمام الذي يستحق ، واكتفى بعضهم بالاشارة السريعة إلى منعه مدّعياً توقف مسألة العصمة على الوحي النبوي ـ كما مرّ معنا من قبل ـ أو على حجّية ما يحمله من الرسالة (١) ، ولكن مدرسة أهل البيت عليهمالسلام أولت هذا الأمر أهمية بالغة لتعلّقه بإمامتهم (صلوات الله عليهم أجمعين).
والمتأمّل في حقيقة الحال يجد أن ثمة لازمين منسجمين يؤدي أحدهما
____________________
(١) المغني ٢٠ / ١ : ٧٥ للقاضي عبد الجبار الأسدآبادي المعتزلي (ت ٤١٥ه) تحقيق : د. عبد الحليم محمود و د. سليمان دنيا ؛ الدار المصرية للتاليف والترجمة ـ القاهرة.