واعلموا أيتها العصابة أن السنة من الله قد جرت في الصالحين قبل وقال من سره أن يلقى الله وهو مؤمن حقا حقا فليتول الله ورسوله والذين آمنوا وليبرأ إلى الله من عدوهم ويسلم لما انتهى إليه من فضلهم لأن فضلهم لا يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا من دون ذلك ، ألم تسمعوا ما ذكر الله من فضل أتباع الأئمة الهداة وهم المؤمنون قال « فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً » (١) فهذا وجه من وجوه فضل أتباع الأئمة فكيف بهم وفضلهم ومن سره أن يتم الله له إيمانه حتى يكون مؤمنا حقا حقا فليف لله بشروطه التي اشترطها على المؤمنين فإنه قد اشترط مع ولايته وولاية رسوله وولاية أئمة المؤمنين « إِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ » وإقراض الله « قَرْضاً حَسَناً » واجتناب الفواحش « ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ » فلم يبق شيء مما فسر مما حرم الله إلا وقد دخل في جملة قوله فمن دان الله فيما بينه وبين الله مخلصا لله ولم يرخص لنفسه في ترك شيء من هذا فهو عند الله في حزبه الغالبين وهو من المؤمنين حقا ـ وإياكم والإصرار على شيء مما حرم الله في ظهر القرآن وبطنه وقد قال الله تعالى : « وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ » (٢) إلى هاهنا رواية القاسم بن ربيع يعني المؤمنين قبلكم إذا نسوا شيئا مما اشترط الله في كتابه عرفوا أنهم قد عصوا الله في تركهم ذلك الشيء فاستغفروا ولم يعودوا إلى تركه فذلك معنى قول الله : « وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ».
______________________________________________________
قوله ( عليهالسلام ) « في جملة قوله » أي في الفواحش فقوله تعالى (٣) : « واجتناب الفواحش » يشمل اجتناب جميع المحرمات.
قوله عليهالسلام « فمن دان الله » أي عبد الله فيما بينه وبين ربه أي مختفيا ولا ينظر إلى غيره ولا يلتفت إلى من سواه.
قوله : « إلى هنا رواية » إلى آخره. أي ما يذكر بعده لم يكن في رواية القاسم بل كان في رواية حفص وإسماعيل قوله ( عليهالسلام ) : « ملك مقرب » يمكن أن يكون بدل من الخلق وهو الأظهر ، وأن يكون اسم ليس ، أي لا يتوسط ملك مقرب ، ولا نبي مرسل
__________________
(١) سورة النساء : ٩٦.
(٢) سورة آل عمران : ١٣٥.
(٣) سورة الأنعام : ١٥١ والآية هكذا « وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ».