وإياكم ومعاصي الله أن تركبوها فإنه من انتهك معاصي الله فركبها فقد أبلغ في الإساءة إلى نفسه وليس بين الإحسان والإساءة منزلة فلأهل الإحسان عند ربهم الجنة ولأهل الإساءة عند ربهم النار فاعملوا بطاعة الله واجتنبوا معاصيه واعلموا أنه ليس يغني عنكم من الله أحد من خلقه شيئا لا ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا من دون ذلك فمن سره أن تنفعه شفاعة الشافعين عند الله فليطلب إلى الله أن يرضى عنه ـ واعلموا أن أحدا من خلق الله لم يصب رضا الله إلا بطاعته وطاعة رسوله وطاعة ولاة أمره من آل محمد صلىاللهعليهوآله ومعصيتهم من معصية الله ولم ينكر لهم فضلا عظم أو صغر.
واعلموا أن المنكرين هم المكذبون وأن المكذبين هم المنافقون وأن الله عز وجل قال للمنافقين وقوله الحق « إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً » (١) ولا يفرقن أحد منكم ألزم الله قلبه طاعته وخشيته من أحد من الناس ممن أخرجه الله
______________________________________________________
قوله عليهالسلام « ليس يغني عنكم » قال في النهاية (٢) أغن عني شرك : أي أصرفه وكفه ومنه « لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللهِ شَيْئاً » (٣) » قوله : « فليطب إلى الله » يقال : طلب إليه أي رغب.
قوله عليهالسلام : « أن المنكرين هم المكذبون » يحتمل أن يكون المراد بالإنكار عدم الإقرار ، والمعرفة كما قاله تعالى : « فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ » (٤) والغرض أن عدم المعرفة أيضا تكذيب ، وأن يكون المراد أن إنكار الأئمة داخل في التكذيب الذي ذكر الله تعالى في القرآن ، وحكم بكفر من يرتكبه.
قوله عليهالسلام : « ولا يعرفن » كأنه سن باب التفعيل ومفعوله الأول مقدر أي لا يعرف أحد منكم نفسه أحدا من الناس أي العامة و « من » زائدة لتأكيد النفي أي لا تجعلوا أنفسكم معروفين عند العامة بالتشيع ، أو المراد لا تعرفوهم دين الحق فإنهم شياطين لا ينفعهم ذلك ، ويصل ضررهم إليكم ، أو بالتخفيف من المعرفة كناية عن المحجة والمواصلة أي ينبغي لكم أن لا تعرفوهم فضلا عن أن تحبوهم وتتخذوهم أولياء ، وعلى هذا يحتمل أن لا يكون « من » زائدة بل ابتدائية أي لا تعرفوا ولا تتعرفوا شيئا منهم فإنهم يريدون إضلالكم ، وفي بعض النسخ المصححة « لا يفرقن » من
__________________
(١) سورة النساء : ١٤٥. (٢) النهاية : ح ٣ ص ٣٩٢.
(٣) سورة الجاثية : ١٩. (٤) سورة يوسف : ٥٨ وفي الآية « فَعَرَفَهُمْ ... ».