اتقى منها ربه ، وقدم توبته ، وغلب شهوته من قبل أن تلقيه الدنيا إلى الاخرة فيصبح في بطن موحشة غبراء مدلهمة ظلماء (١) لا يستطيع أن يزيد في حسنته ولا ينقص من سيئته ، ثم ينشر فيحشر إما إلى الجنة يدوم نعيمها ، أو إلى النار لا ينقد عذابها.
الثالث والثلاثون : عن أنس بن مالك قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : يا معشر المسلمين شمروا فإن الامر جد ، وتأهبوا فإن الرحيل قريب ، وتزودوا فان السفر بعيد ، وخففوا أثقالكم فان وراءكم عقبة كؤودا (٢) ولا يقطعها إلا المخففون.
أيها الناس إن بين يدي الساعة امورا شدادا ، وأهوالا عظاما ، وزمانا صعبا يتملك فيه الظلمة ، ويتصدر فيه الفسقة ، ويضام فيه الامرون بالمعروف ويضطهد (٣) فيه الناهون عن المنكر ، فاعدوا لذلك الايمان ، وعضوا عليه بالنواجذ (٤) والجأوا إلى العمل الصالح ، واكرهوا عليه النفوس تفضوا إلى النعيم الدائم (٥).
الرابع والثلاثون : عن أبي سعيد الخدري ، قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول لرجل يعظه : ارغب فيما عند الله يحبك الله ، وازهد ما في أيدي الناس يحبك الناس إن الزاهد في الدنيا يريح ، ويريح قلبه وبدنه في الدنيا والآخرة ، والراغب فيها يتعب قلبه وبدنه في الدنيا والآخرة ، ليجيئن أقوام يوم القيامة لهم حسنات كأمثال الجبال فيأمر بهم إلى النار ، فقيل : يا بني الله أمصلون كانوا؟ قال : نعم ، كانوا يصلون ويصومون ويأخذون وهنا من الليل ، لكنهم إذا لاح لهم شئ من أمر الدنيا وثبوا عليه.
____________________
(١) ادلهم الليل أى أظلم واشتد سواده.
(٢) كؤود وكأداء : صعبة شاقة المصعد.
(٣) ضامه يضيمه ضيما قهره وظلمه. وضهده وأضهد به واضطهده : قهره وجار عليه واذاه واضطره وحبسه بسبب المذهب أو الدين.
(٤٩ النواجذ جمع الناجذ وهو أقصى الاضراس.
(٥) أفضى اليه اى وصل وانتهى به اليه.