وكفر النعمة لؤم ، وصحبته الجاهل شؤم ، والعقل حفظ التجارب ، وخير ما جربت ما وعظلك ، ومن الكرم لين الشيم (١) بادر الفرصة قبل أن تكون غصة ، ومن الحزم العزم ، ومن سبب الحرمان التواني ، ليس كل طالب يصيب ولا كل راكب يؤوب (٢) ومن الفساد إضاعة الزاد ، لكل امرء عاقبة ، رب مصير بما تصير (٣) ولا خير في معين مهين ، ولا تبيتن من أمر على عذر (٤) من حلم ساد ومن تفهم ازداد ، ولقاء أهل الخير عمارة القلب ، ساهل الدهر ماذل لك قعوده (٥).
وإياك أن تطيح بك مطية اللجاج (٦) وإن قارفت سيئة فعجل محوها بالتوبة ولا تخن من ائتمنك وإن خانك ، ولاتذع سره وإن أذاع سرك ، ولا تخاطر بشئ رجاء أكثر منه ، واطلب فانه يأتيك ما قسم لك ، والتاجر مخاطر ، وخذ بالفضل وأحسن البذل ، وقل للناس حسنا.
وأي كلمة حكم (٧) جامعة أن تحب للناس ما تحب لنفسك وتكره لهم ما تكره لها؟! إنك قل ماتسلم ممن تسرعت إليه ، أوتندم إذا فضلت عليه ، واعلم أن من
____________________
(١) الشيم ـ بالكسر فالفتح ـ جمع شيمة وهى الخلق والطبيعة والمراد الاخلاق الحسنة.
(٢) آب يؤوب من السفر : رجع.
(٣) في التحف « رب يسيرأ نمى من كثير ».
(٤) وكذا في النهج ، وفى التحف « ولا تبيتن من أمر على غرر » والغرر بالتحريك المغرور به.
(٥) العقود ـ بالفتح ـ : من الابل ما يقتعده الراعى في كل حاجة أى يتخذ مركبا ويقال للابل : الفصيل من قياده.
(٦) أطاحه : أهلكه وأذهبه ، وفى التحف « أن تجمع بك ». يقال جمحت المطية : تغلب على راكبه وذهب به وجمحت به أى طرحت به وحمله على ركوب المهالك. واللجاج ـ بالفتح ـ : الخصومة. أى انى احذرك من أن تغلبك الخصومات فلا تملك نفسك من الوقوع في مضارها. (٧) وكذا في التحف ، وفى المصدر « وأحسن كلمة حكم ».