منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لا تبعتم الشيطان إلا قليلا » (١) فالرد إلى الله الاخذ بحكم كتابه (٢) والرد إلى الرسول الاخذ بسنة الجامعة غير المتفرقة (٣) ونحن أهل رسول الله الذين نستنبط المحكم من كتابه ونميز المتشابه منه ونعرف الناسخ مما نسخ الله ووضع إصره (٤).
فسرفي عدوك بمثل ما شاهدت منها في مثلهم من الاعداء وواتر إلينا الكتب بالاخبار بكل حدث يأتك منا أمر عام (٥) والله المستعان.
ثم انظر في أمر الاحكام بين الناس بنية صالحة فإن الحكم في إنصاف المظلوم من الظالم ، والاخذ للضعيف من القوي ، وإقامة حدود الله على سنتها ومنها جها مما يصلح عبادالله وبلاده. فاختر للحكم بين الناس أفضل رعيتك في نفسك وأنفسهم للعلم والحلم والورع والسخاء ممن لا تضيق به الامور ولا تمحكه الخصوم (٦) ولا يتمادى في إثبات الزلة ولا يحصر من الفئ (٧) إلى الحق إذا عرفه ولا تشرف نفسه
____________________
(١) سورة النساء : ٨٥.
(٢) محكم الكتاب : نصه الصريح.
(٣) أى الاخذ بما أجمع عليه مما لا يختلف في نسبته اليه ، فلا يكون مما افترق به الاراء في نسبته اليه.
(٤) الاصر : الثقل أى ثقل التكليف كما قال الله تعالى في سورة الاعراف : ١٥٦ : « ويضع عنهم اصرهم والاغلال التى كانت عليهم ».
(٥) واتر : أمر من المواترة. والحدث ـ بفتحتين ـ : الحادثة أى الامر الحادث.
(٦) لاتمحكه : لا تغضبه ـ من محك الرجل : نازع في الكلام وتمادى في اللحاجة عند المساومة ـ أى ولا تحمله مخاصمة الخصوم عند اللحاجة على رأيه. والزلة : السقطة والخطيئة.
(٧) حصر : ضاق صدره أى اذا عرف الحق لا يضيق صدره من الرجوع اليه. وفى بعض النسخ « في انبات الزلة ولا يحصر من العى ».