على طمع (١) ولا يكتفي بأدنى فهم دون أقصاه (٢) وأوقفهم في الشبهات ، وآخذهم بالحجج ، وأقلهم تبرما بمراجعة الخصوم (٣) وأصبر هم على تكشف الامور ، و أصرمهم (٤) عند اتضاح الحكم ، ممن لا يزدهيه إطراء (٥) ولا يستميله إغراق ولا يصغى للتبليغ ، فول قضاءك من كان كذلك وهم قليل. ثم أكثر تعهد قضائه (٦) وافتح له في البذل ما يزيح علته (٧) ويستعين به ، وتقل معه حاجته إلى الناس ، و أعطه من المنزلة لديك ما لايطمع فيه غيره من خاصتك ، ليأمن بذلك اغتيال الرجال إياه عندك ، وأحسن توقيره في صحبتك ، وقربه في مجلسك. وأمض قضاءه ، وأنفذ حكمه ، واشدد عضده ، واجعل أعوانه خيار من ترضى من نظرائه من الفقهاء وأهل الورع والنصيحة لله ولعباد الله ، ليناظر هم فيما شبه عليه ، ويلطف عليهم لعلم ما غاب عنه ، ويكونون شهداء على قضائه بين الناس إن شاءالله.
ثم حملة الاخبار لاطرافك قضاة تجتهد فيهم نفسه (٨) لا يختلفون ولا يتدابرون في حكم الله وسنة رسول الله صلىاللهعليهوآله فإن الاختلاف في الحكم إضاعة للعدل وغرة في الدين (٩) وسبب من الفرفة. وقد بين الله مايأتون وما ينفقون وأمر
____________________
(١) الاشراف على الشئ : الاطلاع عليه من فوق.
(٢) أى ينبغى له التأمل في الحكم فلا يكتفى بما يبدوله باول فهم.
(٣) التبرم : الضجر. والملل.
(٤) وأصرمهم : أقطعهم للخصومة عند وضوح الحكم.
(٥) لا يزدهيه : افتعال من الزهو : العجب والفخر. والاطراء : المبالغة في المدح أى لا تحمله على الكبر والعجب ولا يستخفه زيادة الثناء عليه. وفى النهج « ولا يستميله اغراء ».
(٦) تعهد : تفقد وتحفظ.
(٧) يزيح : يبعد ويزول وفى النهج « يزيل ». أى وسع له حتى يكون ما يأخذه كافيا لمعيشته.
(٨) كذا. وفى بعض النسخ « حملة الاختيار » وفى بعضها « حمل الاختيار ». ولعل الصحيح « ثم اختيار حملة الاخبار لا طرافك قضاة تجتهد فيه نفوسهم ».
(٩) الغرة ـ بالكسر ـ : الغفلة.