مضر وكل أفراط له مفسد.
أيها الناس من قل ذل. ومن جاد ساد. ومن كثر ماله رأس (١). ومن كثر حلمه نبل (٢). ومن فكر في ذات الله تزندق (٣). ومن أكثر من شئ عرف به.
ومن كثر مزاحه استخف به. ومن كثر ضحكه ذهبت هيبته. فسد حسب [ من ] ليس له أدب ، إن أفضل الفعال صيانة العرض بالمال. ليس من جالس الجاهل بذي معقول. من جالس الجاهل فليستعد لقيل وقال (٤). لن ينجو من الموت غني بماله. ولا فقير لاقلاله.
أيها الناس إن للقلوب شواهد تجري الانفس عن مدرجة أهل التفريط (٥).
فطنة الفهم للمواعظ مما يدعو النفس إلى الحذر من الخطأ (٦). وللنفوس خواطر للهوى والعقول تزجر وتنهى (٧). وفي التجارب علم مستأنف. والاعتبار يقود إلى الرشاد. وكفاك أدبا لنفسك ما تكرهه من غيرك (٨). عليك لاخيك المؤمن مثل
____________________
(١) رأس بفتح الهمزة أى هو رئيس للقوم ويحتمل أن يكون من رأس يرؤس أى مشى متبخترا أو أكل كثيرا.
(٢) النبل : الفضل والشرف والنجابة.
(٣) تزندق أى اتصف بالزندقة.
(٤) في اللغة : يستعمل « القول » في الخير. « والقال والقيل والقالة » في الشر. والقول مصدر والقال والقيل اسمان له. والقال الابتداء والقيل الجواب. والاقلال : قلة المال.
(٥) المدرج والمدرجة : المذهب والمسلك يعنى أن للقلوب شواهد تعرج الانفس عن مسالك أهل التقصير إلى درجات المقربين.
(٦) الفطنة : الحذق والفهم وهى مبدأ وخبره قوله : « مما يدعو » يعنى أن الفطنة هى مما يدعو النفس إلى الحذر من المخاطرات.
(٧) الخواطر ، جمع خاطر : ما يخطر بالقلب والنفس من أمر أو تدبير والعقول تزجر وتنهى عنها.
(٨) وفى الروضة « وعليك ».