سنة الله وتعديت حدوده ، ولا يدعون إلى الهدى ، ولا يقسمون الفئ ، ولا يوفون بذمة. يدعون القتيل منهم على ذلك شهيدا ، قد أتوا الله بالافتراء والجحود ، و استغنوا بالجهل عن العلم ، ومن قبل ما مثلوا بالصالحين كل مثلة (١) وسموا صدقهم على الله فرية ، وجعلوا في الحسنة العقوبة السيئة ، وقد بعث الله عزوجل إليكم رسولا من أنفسكم عزيزا عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤف رحيم (٢) » وأنزل عليه كتابا عزيزا لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد قرآنا عربيا غير ذي عوج لينذر من كان حيا (٣) ويحق القول على الكافرين فلا يلهينكم الامل ، ولا يطولن عليكم الاجل ، فإنما أهلك من كان قبلكم أمد أملهم ، وتغطية الاجال عنهم حتى نزل بهم الموعود (٤) الذي ترد عنه المعذرة ، و ترفع عنه التوبة ، وتحل معه القارعة والنقمة (٥).
وقد أبلغ الله عزوجل إليكم بالوعد ، وفصل لكم القول ، وعلمكم السنة وشرع لكم المناهج ليزيح العلة (٦) وحث على الذكر ، ودل على النجاة وإنه من انتصح لله واتخذ قوله دليلا هداه للتي هي أقوم (٧) ووفقه للرشاد ، وسدده
____________________
(١) المثلة بالضم : النكال ، قال الفيض ـ رحمهالله ـ : ومن روى مثلوا بالتشديد أراد جدعوهم بقظع الاذن والانوف.
(٢) « من أنفسكم » أى من جنسكم عربى مثلكم. وقرء من انفسكم ـ بفتح الفاء ـ أى من أشرفكم « عزيز عليه » أى شديد شاق. « ما عنتم » عنتكم ولقاؤكم المكروه. « حريص عليكم » أى على ايمانكم وصلاح شأنكم.
(٣) أى عاقلا فهما فان الغافل كالميت.
(٤) المراد بالموعود الموت.
(٥) القارعة : الشديدة من شدائد الدهر.
(٦) زاح الشئ يزبح زيحا أى بعد وذهب وأزاحه غيره. « الصحاح » (٧) الانتصاح : قبول النصيحة يعنى من اطاع او امر الله تعالى وعلم انه انما يهديه إلى مصالحه ويرد عن مفاسده يهديه للحالة التى اتباعها اقوم وهى من الالفاظ القرآنية « ان هذا القرآن يهدى للتى هى اقوم » وتلك الحالة هى المعرفة بالله وتوحيده كما في الوافى.