قال الله تعالى : « الذين تتوفيهم الملئكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون » (١).
ويقول : « الذين تتوفيهم الملائكة ظالمي أنفسهم فأقلوا السلم ما كنا نعمل من سوء بلى إن الله عليم بما كنتم تعملون * فادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فلبئس مثوى المتكبرين » (٢).
يا عباد الله إن الموت ليس منه فوت فاحذروه قبل وقوعه وأعدوا له عدته فإنكم طرد الموت ، إن أقمتم له أخذكم ، وإن فررتم منه أدرككم ، وهو ألزم لكم من ظلكم ، الموت معقود بنواصيكم ، والدنيا تطوي خلفكم ، فأكثروا ذكر الموت عند ما تنازعكم إليه أنفسكم من الشهوات وكفى بالموت واعظا ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوآله كثيرا ما يوصي أصحابه بذكر الموت فقال : « أكثروا ذكر الموت فإنه هاذم اللذات حائل بينكم وبين الشهوات ».
يا عبادالله ما بعد الموت لمن لا يغفر له أشد من الموت ، القبر فاحذروا ضيقه وضنكه وظلمته وغربته ، إن القبر يقول كل يوم : أنا بيت الغربة ، أنا بيت التراب أنا بيت الوحشة ، أنا بيت الدود والهوام ، والقبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النيران ، إن العبد المؤمن إذا دفن قالت له الارض : مرحبا وأهلا ، قد كنت ممن أحب أن تمشي على ظهري ، فإذا وليتك فستعلم كيف صنيعي بك ، فيتسع له مد البصر. وإن الكافر إذا دفن قالت له الارض : لا مرحبا بك ولا أهلا ، لقد كنت من أبغض من يمشي على ظهري ، فإذا وليتك فستعلم كيف صنيعي بك ، فتضمه حتى تلتقي أضلاعه ، وإن المعيشة الضنك التي حذر الله منها عدوه عذاب القبر ، إنه يسلط على الكافر في قبره تسعة وتسعين تنينا فينهشن لحمه ويكسرن عظمه ، يترددن عليه كذلك إلى يوم يبعث ، لو أن تنينا منها تنفخ في الارض لم تنبت زرعا أبدا.
[ اعملوا ] يا عبادالله إن أنفسكم الضعيفة وأجسادكم الناعمة الرقيقة التي
____________________
(١) النحل : ٣٤.
(٢) النحل : ٣٠ و ٣١.
(٣) الهاذم بالذال المعجمة بمعنى الهادم.