الغنم (١) فأغارا فيها حتى أصبحا فماذا أبقيا منها.
قال : قلت : يا رسول الله الخائفون الخائضون المتواضعون الذاكرون الله كثيرا أهم يسبقون الناس إلى الجنة؟ فقال : لا ولكن فقراء المسلمين فانهم يتخطون رقاب الناس فيقول لهم خزنة الجنة كما أنتم حتى (٢) تحاسبوا فيقولون بم نحاسب فوالله ما ملكنا فنجودو نعدل ، ولا أفيض علينا فنقبض ونبسط ولكنا عبدنا ربنا حتى دعانا فأجبنا.
يا أباذر إن الدنيا مشغلة للقلوب والابدان وإن الله تبارك وتعالى سائلنا عما نعمنا في حلاله فكيف بما نعمنا في حرامه.
يا أباذر إني قد دعوت الله جل ثناؤه أن يجعل رزق من يحبني الكفاف وأن يعطي من يبغضني كثرة المال والولد.
يا أباذر طوبى للزاهدين في الدنيا ، الراغبين في الاخرة ، الذين اتخذوا أرض الله بساطا ، وترابها فراشا ، وماءها طيبا ، واتخذوا كتاب الله شعارا ودعاءه دثارا يقرضون الدنيا قرضا.
يا أباذر حرث الآخرة العمل الصالح ، وحرث الدنيا المال والبنون.
يا أباذر إن ربي أخبرني فقال : وعزتي وجلالي ما أدرك العابدون درك البكاء وإني لابني لهم في الرفيق الاعلى قصرا لا يشاركهم فيه أحد.
قال : قلت : يا رسول الله أي المؤمنين أكيس قال : أكثرهم للموت ذكرا وأحسنهم له استعدادا.
يا أباذر إذا دخل النور القلب انفسح القلب واستوسع ، قلت : فما علامة ذلك بأبي أنت وامي يا رسول الله؟ قال : الا نابة إلى دار الخلود ، والتجا في عن دار الغرور والاستعداد للموت قبل نزوله.
يا أباذر اتق الله ولا تري الناس أنك تخشى الله فيكر موك وقلبك فاجر.
____________________
(١) الزرب موضع المواشى.
(٢) أى قفوا مكانكم ولا تبر حوا.