في الدنيا هانت عليه مصائبها ولم يكرهها.
وإن لله عزوجل لعبادا قلوبهم معلقة بالاخرة وثوابها ، وهم كمن رأى أهل الجنة في الجنة مخلدين منعمين ، وكمن رأى أهل النار في النار معذبين ، فاولئك شرورهم وبوائقهم عن الناس مأمونة ، وذلك أن قلوبهم عن الناس مشغولة بخوف الله فطرفهم عن الحرام مغضوض ، وحوائجهم إلى الناس خفيفة ، قبلوا اليسير من الله في المعاش وهو القوت ، فصبروا أياما قصارى لطول الحسرة يوم القيامة.
٢٦ ـ وقال له رجل : إني لاحبك في الله حبا شديدا ، فنكس عليهالسلام رأسه (١) ثم قال : اللهم إني أعوذبك أن احب فيك وأنت لي مبغض. ثم قال له :
احبك للذي تحبني فيه.
٢٧ ـ وقال عليهالسلام : إن الله ليبغض البخيل السائل الملحف.
٢٨ ـ وقال عليهالسلام : رب مغرور مفتون يصبح لاهيا ضاحكا ، يأكل ويشرب وهو لا يدري لعله قد سبقت له من الله سخطة يصلى بها نار جهنم (٢).
٢٩ ـ وقال عليهالسلام : إن من أخلاق المؤمن الانفاق على قدر الاقتار (٣).
والتوسع على قدر التوسع ، وإنصاف الناس من نفسه ، وابتداؤه إياهم بالسلام.
٣٠ ـ وقال عليهالسلام : ثلاث منجيات للمؤمن : كف لسانه عن الناس واغتيابهم ، وإشغاله نفسه بما ينفعه لاخرته ودنياه ، وطول البكاء على خطيئته.
٣١ ـ وقال عليهالسلام : نظر المؤمن في وجه أخيه المؤمن للمودة والمحبة له عبادة.
٣٢ ـ وقال عليهالسلام : ثلاث من كن فيه من المؤمنين كان في كنف الله (٤) وأظله الله يوم القيامة في ظل عرشه ، وآمنه من فزع اليوم الاكبر : من أعطى من نفسه
____________________
(١) نكس رأسه : طأطأه وخفضه.
(٢) في بعض النسخ «يصله بها في نار جهنم».
(٣) الاقتار : القلة والتضيق في الرزق.
(٤) كنف الله ـ بالتحريك ـ : ظله وحضنه.