واحفظ مقالتي ، فإنك إن حفظتها تعش سعيدا وتمت حميدا ، يا بني إنه من قنع بما قسم الله له استغنى ، ومن مد عينيه إلى ما في يد غيره مات فقيرا ، ومن لم يرض بما قسم الله عزوجل اتهم الله تعالى في قضائه ، ومن استصغر زلة نفسه استعظم زلة غيره ، ومن استصغر زلة غيره استعظم زله نفسه ، يابني من كشف حجاب غيره انكشفت عورات نفسه ، ومن سل سيف البغي قتل به ، ومن حفر لاخيه بئرا سقط فيها ، ومن دخل مداخل السفهاء حقر ، ومن خالط العلماء وقر ، ومن دخل مداخل السوء اتهم.
يا بني قل الحق لك وعليك ، وإياك والنميمة فإنها تزرع الشحناء في قلوب الرجال. يابني إذا طلبت الجود فعليك بمعادنه ، فإن للجود معادن وللمعادن اصولا وللاصول فروعا وللفروع ثمرا ، ولا يطيب ثمر إلا بفرع ولا فرع إلا بأصل ، ولا أصل إلا بمعدن طيب.
يا بني إذا زرت فزر الاخيار ولا تزر الفجار ، فإنهم صخرة لا ينفجر ماؤها وشجرة لا يخضر ورقها ، وأرض لا يظهر عشبها.
قال علي بن موسى عليهالسلام : فما ترك أبي هذه الوصية إلى أن مات.
٣٤ ـ ونقل أنه (١) كان رجل من أهل السواد يلزم جعفرا عليهالسلام ففقده فسئل عنه فقال له رجل ـ يريد أن يستنقص به ـ : إنه نبطي فقال جعفر عليهالسلام : أصل الرجل عقله ، وحسبه دينه ، وكرمه تقواه ، والناس في آدم مستوون ، فاستحيا ذلك القائل.
٣٥ ـ وقال سفيان الثوري : سمعت جعفر الصادق عليهالسلام يقول : عزت السلامة حتى لقد خفي مطلبها ، فإن يكن في شئ فيوشك أن يكون في الخمول فإن طلبت في خمول فلم توجد فيوشك أن تكون في الصمت ، فإن طلبت في الصمت فلم توجد فيوشك أن تكون في التخلي ، فإن طلبت في التخلي فلم توجد فيوشك أن تكون في كلام السلف ـ
____________________
(١) الكشف : ج ٢ ص ٣٧٠.