من الله في السر والعلانية ، والعدل في الرضا والغضب ، والاكتساب في الفقر والغنى وأن تصلوا من قطعكم ، وتعفوا عمن ظلمكم ، وتعطوا (١) على من حرمكم ، وليكن نظركم عبرا ، وصمتكم فكرا ، وقولكم ذكرا ، وطبيعتكم السخاء (٢) فإنه لا يدخل الجنة بخيل ، ولا يدخل النار سخي ».
يا هشام رحم الله من استحيا من الله حق الحياء ، فحفظ الرأس وما حوى (٣).
والبطن وما وعى ، وذكر الموت والبلى ، وعلم أن الجنة محفوفة بالمكاره (٤) والنار محفوفة بالشهوات.
يا هشام من كف نفسه عن أعراض الناس أقاله الله عثرته يوم القيامة ، ومن كف غضبه عن الناس كف الله عنه غضبه يوم القيامة.
يا هشام إن العاقل لا يكذب وإن كان فيه هواه.
يا هشام وجد في ذؤابة (٥) سيف رسول الله صلىاللهعليهوآله أن أعتى الناس على الله
____________________
(١) في بعض نسخ المصدر «وتعطفوا».
(٢) في بعض نسخ المصدر «واياكم والبخل وعليكم بالسخاء».
(٣) «وما حوى» أى ما حواه الرأس من الاوهام والافكار بأن يحفظها ولا يبديها ويمكن أن يكون المراد ما حواه الرأس من العين والاذن وسائر المشاعر بأن يحفظها عما يحرم عليه. وما وعى أى ما جمعه من الطعام والشراب بأن لا يكونا من حرام. والبلى ـ بالكسر ـ : الاندراس والاضمحلال.
(٤) المحفوفة : المحيطة. والمكاره : جمع مكرهة ـ بفتح الراء وضمها ـ : ما يكرهه الانسان ويشق عليه. والمراد أن الجنة محفوفة بما يكره النفس من الاقوال والافعال فتعمل بها ، فمن عمل بها دخل الجنة ، والنار محفوفة بلذات النفس وشهواتها ، فمن اعطى نفسه لذتها وشهوتها دخل النار.
(٥) الذؤابة من كل شئ : أعلاه. ومن السيف : علاقته. ومن السوط : طرفه.
ومن الشعر : ناصيته. وعتا يعتو عتوا ، وعتى يعتى عتيا بمعنى واحد أى استكبر وتجاوز الحد ، والعتو : الطغيان والتجاوز عن الحدود والتجبر.