من ضرب غير ضاربه وقتل غير قاتله ، ومن تولى غير مواليه فهو كافر بما أنزل الله على نبيه محمد صلىاللهعليهوآله ، ومن أحدث حدثا (١) ، أو آوى محدثا لم يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا.
يا هشام أفضل ما يتقرب به العبد إلى الله بعد المعرفة به : الصلاة ، وبر الوالدين ، وترك الحسد والعجب والفخر.
يا هشام أصلح أيامك الذي هو أمامك ، فانظر أي يوم هو ، وأعد له الجواب ، فإنك موقوف ومسؤول ، وخذ موعظتك من الدهر وأهله ، فإن الدهر طويلة قصيرة فاعمل كانك ترى ثواب عملك لتكن أطمع في ذلك. واعقل عن الله وانظر (٢) في تصرف الدهر وأحواله ، فإن ما هو آت من الدنيا كما ولى منها ، فاعتبر بها. وقال علي بن الحسين عليهماالسلام : «إن جميع ما طلعت عليه الشمس في مشارق الارض ومغاربها بحرها وبرها وسهلها وجبلها عند ولي من أولياء الله وأهل المعرفة بحق الله كفيئ الظلال ـ ثم قال عليهالسلام ـ : أولا حر يدع [ هذه ] اللماظة لاهلها (٣) ـ يعني الدنيا ـ فليس لانفسكم ثمن إلا الجنة فلا تبيعوها بغيرها ، فإنه من رضي من الله بالدنيا فقد رضي بالخسيس».
يا هشام إن كل الناس يبصر النجوم ، ولكن لا يهتدي بها إلا من يعرف مجاريها ومنازلها ، وكذلك أنتم تدرسون الحكمة ، ولكن لا يهتدي بها منكم إلا من عمل بها.
يا هشام إن المسيح عليهالسلام قال للحواريين : « يا عبيد السوء يهولكم طول النخلة (٤) وتذكرون شوكها ومؤونة مراقيها ، وتنسون طيب ثمرها
____________________
(١) الحدث : الامر الحادث الذى ليس بمعتاد ولا معروف في السنة.
(٢) «عقل عن الله» : عرف عنه وبلغ عقله إلى حد يأخذ العلم عن الله فكأنه أخذ العلم عن كتاب الله وسنة نبيه صلىاللهعليهوآله.
(٣) اللماظة ـ بالضم ـ بقية الطعام في الفم. وأيضا بقية الشئ القليل. والمراد بها هنا الدنيا.
(٤) يهولكم أى يفزعكم وعظم عليكم.