٢٩ ـ وقال عليهالسلام لفضل بن يونس : أبلغ خيرا وقل خيرا ولا تن إمعة (١) قلت : وما الامعة؟ قال : لا تقل : أنا مع الناس ، وأنا كواحد من الناس. إن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : «يا أيها الناس إنما هما نجدان نجد خير ونجد شر ، فلا يكن نجد الشر أحب إليكم من نجد الخير (٢)».
٣٠ ـ وروي أنه مر برجل من أهل السواد دميم المنظر (٣) ، فسلم عليه و نزل عنده وحادثه طويلا. ثم عرض عليهالسلام عليه نفسه في القيام بحاجة إن عرضت له ، فقيل له : يا ابن رسول الله أتنزل إلى هذا ثم تسأله عن حوائجه ، وهو إليك أحوج؟ فقال عليهالسلام : عبد من عبيدالله وأخ في كتاب الله وجار في بلاد الله ، يجمعنا وإياه خير الاباء آدم عليهالسلام وأفضل الاديان والاسلام ولعل الدهر يرد من حاجاتنا إليه ،
____________________
(١) فضل بن يونس الكاتب البغدادى عده الشيخ من أصحاب الكاظم عليهالسلام وقال : أصله كوفى تحول إلى بغداد مولى واقفى. انتهى. ووثقه النجاشى ، وروى الكشى ما يدل على غاية اخلاصه للامام الكاظم عليهالسلام قال : وجدت بخط محمد بن الحسن بن بندار القمى في كتابه حدثنى على بن ابراهيم عن محمد بن سالم قال : لما حمل سيدى موسى بن جعفر عليهماالسلام إلى هارون جاء اليه هشام بن ابراهيم العباسى فقال له يا سيدى قد كتبت لى صك إلى الفضل ابن يونس فتسأله أن يروج أمرى فركب اليه أبوالحسن فدخل عليه حاجبه وقال : يا سيدى! أبوالحسن موسى عليهالسلام بالباب فقال : ان كنت صادقا فأنت حر ولك كذا وكذا ، فخرج الفضل حافيا يعدو حتى وصل اليه فوقع على قدميه يقبلهما ، ثم سأله أن يدخل فقال له : اقض حاجة هشام بن ابراهيم فقضاها ، ثم قال : يا سيدى قد حضر الغذاء فتكرمنى أن تتغذى عندى فقال : هات فجاء بالمائدة وعليها البوارد فأجال أبوالحسن عليهالسلام يده في البارد ثم قال : البارتجال اليدفيه وجاؤوا بالحار فقال أبوالحسن عليهالسلام : الحارحمى.
(٢) الامع والامعة ـ بالكسر فالتشديد ـ قيل : أصله «انى معك».
(٣) النجد : الطريق الواضح المرتفع. وقوله عليهالسلام : «انما هما نجدان» فالظاهر اشارة إلى قوله في سورة البلد ١٠ «فهديناه النجدين».
(٤) دميم المنظر أى قبيح المنظر من دم دمامة : كان حقيرا وقبح منظره.