والله ينزل المعونة على قدر المؤونة ، وينزل الصبر على قدر المصيبة ، ومن اقتصد وقنع بقيت عليه النعمة ، ومن بذر وأسرف زالت عنه النعمة ، وأداء الامانة والصدق يجلبان الرزق ، والخيانة والكذب يجلبان الفقر والنفاق ، وإذا أراد الله بالذرة (١) شرا أنبت لها جناحين فطارت فأكلها الطير ، والصنيعة لا تتم صنيعة عند المؤمن لصاحبها إلا بثلاثة أشياء : تصغيرها وسترها وتعجيلها ، فمن صغر الصنيعة عند المؤمن فقد عظم أخاه ، ومن عظم الصنيعة عنده فقد صغر أخاه ومن كتم ما أولاه (٢) من صنيعة فقد كرم فعاله ، ومن عجل ما وعد فقد هنئ (٣) العطية.
٥ ـ كشف (٤) : قال الابي في كتاب نثر الدرر : سمع موسى عليهالسلام رجلا يتمنى الموت فقال له : هل بينك وبين الله قرابة يحاميك لها؟ قال : لا ، قال : فهل لك حسنات قدمتها تزيد على سيئاتك؟ قال : لا ، قال : فأنت إذا تتمنى هلاك الابد.
وقال عليهالسلام : من استوى يوماه فهو مغبون ، ومن كان آخر يوميه شرهما فهو ملعون ، ومن لم يعرف الزيادة في نفسه فهو في نقصان ، ومن كان إلى النقصان فالموت خير له من الحياة.
وروي عنه عليهالسلام : أنه قال : اتخذوا القيان فإنه لهن فطنا وعقولا ، ليست لكثير من النساء. كأنه أراد النجابة في أولادهن.
قلت : القيان جمع قينة وهي الامة مغنية كانت أو غير مغنية. قال أبوعمر :
وكل عبد هوعند العرب قين والامة قينة ، وبعض الناس يظن القينة ، المغنية خاصة وليس كذلك.
____________________
(١) في بعض النسخ «بالنملة».
(٢) يقال : أولاه معروفا أى صنعه اليه.
(٣) هنى الطعام ـ من باب علم ـ : تهنأ به أى ساغ له الطعام ولذ. وفى بعض النسخ «هنوء» ـ من باب شرف ـ : صار هنيئا. وفى بعضها «فقد هنأ» من باب التفعيل.
(٤) كشف الغمة ج ٣ ص ٤٢.