٤١ ـ قال علي بن شعيب (١) دخلت على أبي الحسن الرضا عليهالسلام ، فقال لي : يا علي بن أحسن الناس معاشا؟ قلت : ياسيدي أنت أعلم به مني. فقال عليهالسلام : يا علي بن حسن معاش غيره في معاشه.
يا علي بن أسوء الناس معاشا؟ قلت : أنت أعلم ، قال : من لم يعش غيره في معاشه.
يا علي أحسنوا جوار النعم فإنها وحشية مانأت عن قوم فعادت إليهم (٢).
____________________
سهل والمأمون في ايوان الحبرى بمرو فوضعت المائدة فقال الرضا عليهالسلام : ان رجلا من بنى اسرائيل سألنى بالمدينة فقال : النهار خلق قبل أم الليل ، فما عندكم؟ قال :
فأداروا الكلام فلم يكن عندهم في ذلك شئ ، فقال الفضل للرضا عليهالسلام : أخبرنا بها ـ أصلحك الله ـ قال : نعم من القرآن أم من الحساب؟ قال له الفضل : من جهة الحساب فقال : قد علمت يا فضل أن طالع الدنيا السرطان والكواكب في مواضع شرفها؟ فزحل في الميزان والمشترى في السرطان والشمس في الحمل والقمر في الثور فذلك يدل على كينونة الشمس في الحمل في العاشر في الطالع في وسط السماء فالنهار خلق قبل الليل. وفى قوله تعالى «لا الشمس ينبغى لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار» أى قد سبقه النهار. انتهى.
أقول : لما كان وجود الليل والنهار أمران منتزعان من الشمس وحركته فهما مولودان لدورتها. وتقدم الامر الانتزاعى على منشأ الانتزاع مما ريب فيه. وبعبارة اخرى لما كان وجود الليل والنهار فرع وجود الشمس فاذا كان الشمس كان النهار فاذا كان النهار كان الليل. فوجود الليل منتزع من النهار. فتأمل. وفى قوله عليهالسلام : «أم حسابك» اشارة إلى أن الجواب على وفق مذهب السائل. والاية في سورة يس : ٤٠.
(١) قال صاحب تنقيح المقال ـ ره ـ لم اقف عليه بهذا العنوان في كتب الرجال وانما وقفنا فيها على على بن أبى شعيب المدائنى وقال : له كتاب صغير والظاهر كونه اماميا.
(٢) الجوار ـ بالكسر ـ مصدر بمعنى المجاورة. ونأت عن قوم أى بعدت عنه.
والمراد ان النعمة وحشية فيجب على من أصابها ونال منها ان أراد بقاءها ودوامها ان يعامل معها معاملة الحيوان الوحشى الذى اذا هرب لم يعد.