١٠ ـ المحاسن : عن أبيه ، عن عبدالله بن المغيرة ، عن عمرو بن شمر قال : سمعت أبا عبدالله عليهالسلام يقول : إني لالعق أصابعي من المآدم حتى أخاف أن يرى خادمي أن ذلك من جشع ، وليس ذلك كذلك ، إن قوما افرغت عليهم النعمة وهم أهل الثرثار ، فعمدوا إلى مخ الحنطة فجعلوه خبزا هجائا فجعلوا ينجون به صبيانهم جتى اجتمع من ذلك جبل.
قال : فمر رجل صالح على امرأة وهي تفعل ذلك بصبي لها ، فقال : ويحكم اتقوا الله لا تغير ما بكم من نعمة ، فقالت : كأنك تخوفنا بالجوع؟ أما مادام ثرثارنا يجري فانا لا نخاف الجوع ، قال : فأسف الله عزوجل وضعف لهم الثرثار ، وحبس عنهم قطر السماء ونبت الارض ، قال : فاحتاجوا إلى ما في أيديهم فأكلوا ثم احتاجوا إلى ذلك الجبل ، فان كان ليقسم بينهم بالميزان (١).
ايضاح : قال الجوهري : الجشع محركة أشد الحرص وأسوؤه ، قوله : «هجائا» كذا فيما رأينا من نسخ الكافي (٢) والمحاسن ، وفي القاموس ، هجأ جوعه كمنع هجأ وهجوءا سكن وذهب ، والطعام أكله ، وبطنه ملاه وهجي كفرح التهب جوعه ، والهجأة كهمزة الاحمق انتهى فيحتمل أن يكون بالتشديد صفة للخبزأي صالحا لرفع الجوع أو أن يكون بالتخفيف مصدرا أي فعلوا ذلك حمقا وسفاهة ، ولا يبعد أن يكون تصحيف هجانا أي خيارا جيادا كما روي عن أميرالمؤمنين عليهالسلام «هذا جناي وهجانه فيه» (٣).
____________________
(١) المحاسن ص ٥٨٦.
(٢) الكافى ج ٦ ص ٣٠١ ، راجعه.
(٣) وحكى عن الطريحى أنه ضبط كلمة «هجائا» منجاء ، وجعله اسم آلة من نجا ينجو ، وجعل قوله «ينجون» به صبيانهم «تفسيرا لذلك ، وعندى أن كلها حسن وليس به ، والصحيح أنه مصحف« هجأنا » والهجان جمع الهجين : الذى لم يدرك ولم يبلغ بعد كالهاجنة للصبية تزوج قبل بلوغها ، والنخلة تحمل صغيرة ، فوصف الخبز بالهجان يفيد