٣٢ ـ فصل في تفصيل الفقر ، وترتيب أحوال الفقير
إذا ذهبَ مالُ الرَّجُل ، قيل : أَنْزَفَ وأَنْقَضَ. عن الكسائي. فإذا ساءَ أَثَرُ الجَدْبِ والشِّدَّةِ عليه ، وأكَلَت السَّنَةُ (١) مالَهُ قيل : عُصِّبَ فَلانٌ. عن أبي عبيدة. فإذا قَلَعَ حِلْيَةَ سَيْفهِ للحاجة والخَلَّةِ ، قيل : أَنْفَخَ فلانٌ. عن ثعلب عن ابن الأعرابي. فإذا أكل خُبْزَ الذُّرَة فَدَام (٢) عليه لِعَدَمِ غَيْرِهِ ، قيل : طَهْفَلَ. عن ابن الأعرابي أيضاً. فإذا لم يَبْقَ له طعامٌ ، قيل : أَقْوَى. فإذا ضَربَهُ الدهْرُ بالفقر والفَاقةِ ، قيل : أَصْرَمَ وأَلْفَجَ. فإذا لم يَبْق لَهُ شَيْءٌ ، قيل : أَعْدَمَ وأَمْلَقَ. فإذا ذَلَّ في فقرهِ حتى لَصَقَ بالدَّقْعَاءِ ، وهي الترابُ ، قيل : أَدْقَعَ ، فإذا تناهى سُوءُ حالهِ في الفَقْرِ ، قيل : أَفْقَعَ. عن الليث ، عن الخليل.
٣٣ ـ فصل لَاحَ لي في الرَّدِّ على ابن قُتَيْبَةَ حين فَرَّق
بين الفقير والمسكين
قال ابن قتيبة : الفقيرُ الذي له بُلْغَةٌ من العيش. والمِسْكِينُ : الذي لا شَيْءَ لَهُ ، واحْتَجَّ ببيتِ الرَّاعِي (٣) :
أَمَّا الفَقِيرُ الذي كَانَتْ حَلُوبَتُهُ |
|
وَفْقَ العِيَالِ فَلَمْ يُتْرَكْ لَهُ سَبَدُ (٤) |
وقد غَلطَ : لأَنَ المِسْكِينَ (٥) هو الذي له البُلْغَةُ من العيش. أَمَا تَسْمَعُ إلى قولِهِ تعالى (٦) : أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ (٧)
__________________
(١) السنةِ : أي المجاعة.
(٢) في ( ط ) : ودام.
(٣) هو أبو جندل عبيد الشاعر النميري ، ولقب بالراعي لكثرة وصفه الإِبل ، وهو من فحول الشعراء ووجوه القوم ، وشعره لا تكلف فيه ، ووصف بالبخل وبذاءة اللسان وهجائه لعشيرته.
انظر : الاقتضاب لابن السِّير ٢ / ٤٢.
(٤) البيت للراعي النميري في ديوانه ص ٦٤ ، وهو من قصيدة شكا فيها الراعي إلى عبد الملك ظلم السعاة ، وذكر في الإِبل للأصمعي ٧٤ وأدب الكاتب ٣٥ والفاخر ١١٩ وتهذيب الألفاظ ١٥ وإصلاح المنطق ٣٢٦ والاقتضاب لابن السِّيد ٢ / ٢٢ ، ٣ / ٤٢.
(٥) لمزيد من الإِيضاح انظر : الاقتضاب ٢ / ٢ ـ ٢٥.
(٦) في ( ط ) : « أما سمع قول الله عزوجل ».
(٧) الآية ٧٩ من سورة الكهف.