( السادس ) اختلف القراء فى أصل الراء هل هو التفخيم وإنما ترقيق لسبب أو أنها عرية عن وصفى الترقيق والتفخيم فتفخم لسبب وترقق لآخر؟
فذهب الجمهور إلى الأول واحتج له مكى فقال : إن كل راء غير مكسورة فتغليظها جائز وليس كل راء فيها الترقيق ؛ ألا ترى أنك لو قلت ( رَغَداً ) ، و ( رقد ) ونحوه بالترقيق لغيرت لفظ الراء إلى نحو الامالة؟ قال وهذا مما لا يمال ولا علة فيه توجب الامالة انتهى ، واحتج غيره على أن أصل الراء التفخيم بكونها متمكنة فى ظهر اللسان فقربت بذلك من الحنك الأعلى الذى به تتعلق حروف الاطباق وتمكنت منزلتها لما عرض لها من التكرار حتى حكموا للفتحة فيها بانها فى تقدير فتحتين كما حكموا للكسرة فيها بانها فى قوة كسرتين.
وقال آخرون ليس للراء أصل فى التفخيم ولا فى الترقيق وإنما يعرض لها ذلك بحسب حركتها فترقق مع الكسرة لتسفلها وتفخم مع الفتحة والضمة لتصعدهما فاذا سكنت جرت على حكم المجاور لها وأيضا فقد وجدناها ترقق مفتوحة ومضمومة إذا تقدمها كسرة أو ياء ساكنة فلو كانت فى نفسها مستحقة للتفخيم لبعد أن يبطل ما تستحقه فى نفسها لسبب خارج عنها كما كان ذلك فى حروف الاستعلاء. وأيضا فان التكرار متحقق فى الراء الساكنة سواء كانت مدغمة أو غير مدغمة. أما حصول التكرار فى الراء المتحركة الخفيفة فغير بين لكن الذى يصح فيها أنها تخرج من ظهر اللسان ويتصور مع ذلك أن يعتمد الناطق بها على طرف اللسان فترقق إذ ذاك أو تمكنها فى ظهر اللسان فتغلظ ولا يمكن خلاف هذا فلو نطقت بها مفتوحة أو مضمومة من ظرف اللسان وأردت تغليظها لم يمكن نحو ( الْآخِرَةَ ) ، و ( يُسِرُّونَ ) فإذا مكنتها إلى ظهر اللسان غلظت ولم يمكن ترقيقها ولا يقوى الكسر على سلب التغليظ عنها إذا تمكنت من ظهر اللسان الا أن تغليظها فى حال الكسر قبيح فى المنطق