بإطلاقهم على الترقيق إمالة واستنتج من ذلك ترقيق اللام بعد المرققة وقطع بأن ذلك هو القياس الذى لا ينبغى أن يخالف مع اعترافه بأنه لم يقرأ بذلك على أحد من شيوخه ولكنه شىء ظهر له من جهة النظر فاتبعه لعدم وجود النص بخلافه على ما ادعاه وذلك كله غير مسلم له ولا موافق عليه. فأما ادعاؤه أن الضمة تمال فى مذعور فإنه غير ما نحن فيه فإن حركة الضمة التى هى على العين قربت إلى الكسر ولفظ بها كذلك وذلك مشاهد حسا والضمة التى هى على الراء فى ( يُبَشِّرُ ) لم تقرب إلى الكسرة ولا غيرت عن حالتها ولو غيرت ولفظ بها كما لفظ بمذعور على لغة من أمال لكان لحنا وغير جائز فى القراءة وإنما التغيير وقع على الراء فقط لا على حركتها وهذا هو الذى حكاه ابن سفيان وغيره من أن الراء المضمومة تكون عند ورش بين اللفظين فعبروا عن الراء ولم يقولوا إن الضمة تكون بين اللفظين ومن زعم أن الضمة فى ذلك تكون تابعة للراء فهو مكابر فى المحسوس وأما كون الترقيق إمالة أو غير إمالة فقد تقدم الفرق بين الترقيق والإمالة فى أول باب الراآت وإذا ثبت ذلك بطل القياس على ( نَرَى اللهَ ) وأما ادعاؤه عدم النص فقد ذكرنا نصوصهم على التفخيم وقول ابن شريح إنه لم يختلف فى تفخيم اللام فى ذلك. والناس كلهم فى سائر الأعصار وأقطار الامصار ممن أدركناهم وأخذنا عنهم وبلغتنا روايتهم ووصلت إلينا طرقهم لم يختلفوا فى ذلك ولا حكوا فيه وجها ولا احتمالا ضعيفا ولا قويا فالواجب الرجوع إلى ما عليه إجماع الأئمة وسلف الأمة والله يوفقنا جميعا لفهم الحق واتباعه وسلوك سبيله بمنه وكرمه.
( الخامس ) إن قيل : لم كان التفخيم فى الوقف على اللام المغلظة الساكنة وقفا أرجح وكان ينبغى أن لا يجوز البتة كما سبق فى الراء المكسورة أنها تفخم وقفا ولا ترقق لذهاب الموجب للترقيق وهو الكسر وهاهنا قد ذهب الفتح الذى هو شرط فى تغليظ اللام وكلا الذهابين عارض؟