تلك الغنة غنة الميم لا غنة النون والتنوين لانقلابهما إلى لفظها وهو اختيار الدانى والمحققين وهو الصحيح لأن الأول قد ذهب بالقلب فلا فرق فى اللفظ بالنطق بين من من ، ( وَإِنَّ مِنَ ) ـ وبين ـ ( هُمْ مِنْ ) ، و ( أَمْ مَنْ ) وأما ما روى عن بعضهم ادغام الغنة واذهابها عند الميم فغير صحيح إذ لا يمكن النطق به ولا هو فى الفطرة ولا الطاقة وهو خلاف اجماع القراء والنحويين ولعلهم أرادوا بذلك غنة المدغم والله أعلم.
وأما الحكم الثالث وهو ( القلب ) فعند حرف واحد وهى الباء فان النون الساكنة والتنوين يقلبان عندها ميما خالصة من غير ادغام وذلك نحو ( أَنْبِئْهُمْ ) ، ( وَمِنْ بَعْدِ ) ، و ( صُمٌّ بُكْمٌ ) ولا بد من اظهار الغنة مع ذلك فيصير فى الحقيقة اخفاء الميم المقلوبة عند الباء فلا فرق حينئذ فى اللفظ بين ( أَنْ بُورِكَ ) ، وبين : ( يَعْتَصِمْ بِاللهِ ) إلا أنه لم يختلف فى اخفاء الميم ولا فى اظهار الغنة فى ذلك وما وقع فى كتب بعض متأخرى المغاربة من حكاية الخلاف فى ذلك فوهم ولعله انعكس عليهم من الميم الساكنة عند الباء. والعجب أن شارح أرجوزة ابن برى فى قراءة نافع حكى ذلك عن الدانى. وإنما حكى الدانى ذلك فى الميم الساكنة لا المقلوبة واختار مع ذلك الاخفاء. وقد بسطنا بيان ذلك فى كتاب التمهيد والله أعلم.
وأما الحكم الرابع وهو ( الاخفاء ) وهو عند باقى حروف المعجم وجملتها خمسة عشر حرفا وهى : التاء ، والثاء ، والجيم ، والدال ، والذال ، والزاى ، والسين ، والشين ، والصاد ، والضاد ، والطاء ، والظاء ، والفاء ، والقاف ، والكاف. نحو ( كُنْتُمْ ) ، ( وَمَنْ تابَ ) ، ( جَنَّاتٍ تَجْرِي ) ، ( وَالْأُنْثى ) ، ( مِنْ ثَمَرَةٍ ) ، ( قَوْلاً ثَقِيلاً ) ، ( أَنْجَيْتَنا ) ، ( إِنْ جَعَلَ ) ، ( خَلْقٍ جَدِيدٍ ) ، ( أَنْداداً ) ، ( مِنْ دَابَّةٍ ). ( كَأْساً دِهاقاً ) ، ( أَأَنْذَرْتَهُمْ ) ، ( مِنْ ذَهَبٍ ) ، ( وَكُنَّا ذُرِّيَّةً ) ، ( تَنْزِيلَ ) ، ( مِنْ زَوالٍ ) ، ( صَعِيداً زَلَقاً ) ، و ( الْإِنْسانُ ) ، ( مِنْ سُوءٍ ).
رجلا سالما ، ( فَأَنْشَرْنا ) ، ( إِنْ شاءَ ) ، ( غَفُورٌ شَكُورٌ ) ، ( الْأَنْصارِ ) ، ( أَنْ صَدُّوكُمْ ) ، ( جِمالَتٌ صُفْرٌ ) ، ( مَنْضُودٍ ) ، ( مَنْ ضَلَ ) ، ( وَكُلًّا ضَرَبْنا ) ، ( الْمُقَنْطَرَةِ ) ، ( مِنْ طِينٍ ) ، ( صَعِيداً طَيِّباً ) ،