مع اتفاقهم على أنهما لغتان فصيحتان صحيحتان نزل بهما القرآن. فذهب جماعة إلى أصالة كل منهما وعدم تقدمه على الآخر. وكذلك التفخيم والترقيق وكما أنه لا يكون إمالة إلا بسبب فكذلك لا يكون فتح ولا تفخيم إلا بسبب. قالوا ووجود السبب لا يقتضى الفرعية ولا الأصالة. وقال آخرون إن الفتح هو الأصل وإن الامالة فرع بدليل أن الإمالة لا تكون إلا عند وجود سبب من الأسباب فإن فقد سبب منها لزم الفتح وإن وجد شىء منها جاز الفتح والإمالة فما من كلمة تمال إلا وفى العرب من يفتحها ولا يقال كل كلمة تفتح ففي العرب من يميلها. قالوا فاستدللنا باطراد الفتح وتوقف الامالة على أصالة الفتح وفرعية الامالة. قالوا وأيضا فان الامالة تصير الحرف بين حرفين بمعنى أن الألف الممالة بين الألف الخالصة والياء. وكذلك الفتحة الممالة بين الفتحة الخالصة والكسرة والفتح يبقى الألف والفتحة على أصلهما قالوا فلزم أن الفتح هو الأصل والامالة فرع ( قلت ) ولكل من الرأيين وجه وليس هذا موضع الترجيح. فإذا علم ذلك فليعلم أن للامالة أسبابا ووجوها وفائدة ومن يميل وما يمال
( فأسباب الامالة ) قالوا هى عشرة ترجع إلى شيئين : أحدهما الكسرة. والثانى الياء وكل منهما يكون متقدما على محل الامالة من الكلمة ويكون متأخرا ويكون أيضا مقدرا فى محل الامالة وقد تكون الكسرة والياء غير موجودتين فى اللفظ ولا مقدرتين محل الإمالة ولكنهما مما يعرض فى بعض تصاريف الكلمة ، وقد تمال الألف أو الفتحة لأجل ألف أخرى أو فتحة أخرى ممالة وتسمى هذه إمالة لأجل إمالة وقد تمال الألف تشبيها بالألف الممالة ( قلت ) وتمال أيضا بسبب كثرة الاستعمال وللفرق بين الاسم والحرف فتبع الأسباب اثنى عشر سببا والله أعلم.
فأما الإمالة لأجل كسرة متقدمة فليعلم أنه لا يمكن أن تكون الكسرة