فقالت عليهاالسلام سبحان الله ما كان أبي رسول الله صلىاللهعليهوآله عن كتاب الله صادفا (١) ولا لأحكامه مخالفا بل كان يتبع أثره ويقفو سوره أفتجمعون إلى الغدر اعتلالا عليه بالزور وهذا بعد وفاته شبيه بما بغي له من الغوائل (٢) في حياته هذا كتاب الله حكما عدلا وناطقا فصلا يقول : ( يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ) (٣) ويقول ( وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ ) (٤) وبين عز وجل فيما وزع من الأقساط وشرع من الفرائض والميراث ـ وأباح من حظ الذكران والإناث ما أزاح به علة المبطلين وأزال التظني والشبهات في الغابرين كلا ( بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ ).
فقال أبو بكر ( صَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ ) وصدقت ابنته معدن الحكمة وموطن الهدى والرحمة وركن الدين وعين الحجة لا أبعد صوابك ولا أنكر خطابك هؤلاء المسلمون بيني وبينك قلدوني ما تقلدت ـ وباتفاق منهم أخذت ما أخذت غير مكابر ولا مستبد ولا مستأثر وهم بذلك شهود (٥).
فالتفتت فاطمة عليهاالسلام إلى الناس وقالت :
معاشر المسلمين المسرعة إلى قيل الباطل (٦) المغضية على الفعل القبيح الخاسر ( أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها )؟ كلا بل ران على قلوبكم ما أسأتم من أعمالكم ـ فأخذ بسمعكم وأبصاركم ولبئس ما تأولتم وساء ما به أشرتم وشر ما منه اغتصبتم لتجدن والله محمله ثقيلا وغبه وبيلا إذا كشف لكم الغطاء وبان بإورائه [ بإدرائه ] الضراء وبدا لكم من ربكم ما لم تكونوا تحتسبون ( وَخَسِرَ هُنالِكَ الْمُبْطِلُونَ ).
ثم عطفت على قبر النبي صلىاللهعليهوآله وقالت :
قد كان بعدك أنباء وهنبثة |
|
لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب |
إنا فقدناك فقد الأرض وابلها |
|
واختل قومك فاشهدهم ولا تغب |
__________________
(١) صادفا : معرضا.
(٢) الغوائل : المهالك ، فهي صلوات الله عليها رأت في هذا التعليل والاستدلال بوضع حديث مزور على لسان الرسول (صلىاللهعليهوآله) مؤامرة استهدفت شخصه الكريم كما استهدفت رسالته من خلال أهل بيته حيث سلبته أعظم امتياز تستند إليه الرسالة وهي العصمة بمخالفته أحكام الكتاب في منع أهل بيته من الإرث ورأت (عليهاالسلام) في هذا التهجم على شخصه الكريم بعد الوفاة شبها بما كان يحاك ضده من المؤامرات في حياته (صلىاللهعليهوآله) إذ هي الأخرى استهدفت شخصه للقضاء على رسالته.
(٣) سورة مريم ٦.
(٤) سورة النمل ١٦.
(٥) حقا إنه لمن الملفت للنظر لجوء أبي بكر إلى رأي المسلمين بعد انهزامه أمام حجج الصديقة الدامغة الثابتة اليقينية من صريح المحكم من كتاب الله العظيم مما لم يدع مجالا للشك والشبهة في بطلان الحديث المزعوم وسقوطه عن الاعتبار ومخالفته لاصول الإسلام والنبي صلىاللهعليهوآله منزه عن التفوه بمثله.
(٦) في بعض النسخ « قبول الباطل ».