الصفوة وبقية النبوة فما ونيت (١) عن ديني ولا أخطأت مقدوري (٢) فإن كنت تريدين البلغة فرزقك مضمون وكفيلك مأمون وما أعد لك أفضل مما قطع عنك فاحتسبي الله.
فقالت حسبي الله وأمسكت.
وقال سويد بن غفلة (٣) لما مرضت فاطمة س المرضة التي توفيت فيها (٤) دخلت عليها نساء المهاجرين والأنصار يعدنها فقلن لها كيف أصبحت من علتك يا ابنة رسول الله فحمدت الله وصلت على أبيها ثم قالت :
أصبحت والله عائفة لدنياكن قالية لرجالكن لفظتهم بعد أن عجمتهم (٥) وسئمتهم بعد أن سبرتهم (٦) فقبحا لفلول الحد واللعب بعد الجد وقرع الصفاة وصدع القناة وختل الآراء (٧) وزلل الأهواء وبئس ( ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذابِ هُمْ خالِدُونَ ) لا جرم لقد قلدتهم ربقتها وحملتهم أوقتها (٨) وشننت عليهم غاراتها (٩) فجدعا وعقرا و ( بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ).
ويحهم أنى زعزعوها عن رواسي الرسالة وقواعد النبوة والدلالة ومهبط الروح الأمين والطبين بأمور الدنيا (١٠) والدين ( أَلا ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ ) وما الذي نقموا من أبي الحسن عليهالسلام نقموا والله منه نكير سيفه وقلة مبالاته لحتفه وشدة وطأته ونكال (١١) وقعته وتنمره في ذات الله (١٢) وتالله لو مالوا عن المحجة اللائحة وزالوا عن قبول الحجة الواضحة لردهم
__________________
(١) ما كللت ولا ضعفت ولا عييت.
(٢) ما تركت ما دخل تحت قدرتي ، أي لست قادرا على الانتصاف لك لما أوصاني به الرسول (صلىاللهعليهوآله).
(٣) قال العلامة في الخلاصة : سويد بن غفلة الجعفي قال البرقي : إنه من أولياء أمير المؤمنين عليهالسلام وفي أسد الغابة « أدرك الجاهلية كبيرا وأسلم في حياة رسول الله صلىاللهعليهوآله ولم يره وأدى صدقته إلى مصدق النبي صلىاللهعليهوآله ثم قدم المدينة فوصل يوم دفن النبي (صلىاللهعليهوآله) وكان مولده عام الفيل وسكن الكوفة ... » وفي تهذيب التهذيب وثقه ابن معين والعجلي مات سنة ٨٠ وقيل ٨١ وقيل ٨٨.
(٤) قال ابن أبي الحديد في المجلد الرابع من شرحه على النهج « قال أبو بكر وحدثنا محمد بن زكريا قال حدثنا محمد بن عبد الرحمن المهلبي عن عبد الله بن حماد بن سليمان عن أبيه عن عبد الله بن حسن بن حسن عن أمه فاطمة بنت الحسين (عليهالسلام) قالت : لما اشتد بفاطمة بنت رسول الله صلىاللهعليهوآله الوجع وثقلت وفي علتها دخلت عليها ... الخ.
(٥) لفظتهم : رميت بهم وطرحتهم بعد أن عجمتهم : أي بعد أن اختبرتهم وامتحنتهم.
(٦) سئمتهم : مللتهم ، وسبرتهم : جربتهم واختبرتهم واحدا واحدا.
(٧) ختل الآراء : زيفها وخداعها.
(٨) أوقتها : ثقلها.
(٩) شننت الغارة عليهم : وجهتها عليهم من كل جهة.
(١٠) الطبين : الفطن الحاذق العالم بكل شيء.
(١١) النكال : ما نكلت به غيرك كائنا ما كان.
(١٢) تنمر : عبس وغضب.