فأصبح وبكر (١) إلى علي عليهالسلام وقال ابسط يدك يا أبا الحسن أبايعك وأخبره بما قد رأى قال فبسط علي يده فمسح عليها أبو بكر وبايعه وسلم إليه وقال له اخرج إلى مسجد رسول الله صلىاللهعليهوآله فأخبرهم بما رأيت من ليلتي وما جرى بيني وبينك وأخرج نفسي من هذا الأمر وأسلمه إليك قال فقال علي عليهالسلام نعم.
فخرج من عنده متغيرا لونه عاتبا نفسه فصادفه عمر وهو في طلبه فقال له ما لك يا خليفة رسول الله فأخبره بما كان وما رأى وما جرى بينه وبين علي ـ فقال له أنشدك بالله يا خليفة رسول الله والاغترار بسحر بني هاشم والثقة بهم فليس هذا بأول سحر منهم فما زال به حتى رده عن رأيه وصرفه عن عزمه ورغبه فيما هو بالثبات عليه والقيام به.
قال فأتى علي المسجد على الميعاد فلم ير فيه منهم أحدا فأحس بشيء منهم فقعد إلى قبر رسول الله صلىاللهعليهوآله قال فمر به عمر فقال يا علي دون ما تريد خرط القتاد (٢) فعلم عليهالسلام بالأمر ورجع إلى بيته.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
من سلمان مولى رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى عمر بن الخطاب
__________________
(١) بكر : أتاه بكرة وسبق إليه في أول أحواله.
(٢) القتاد شجر صلب له شوك كالإبر. وخرط القتاد : هو انتزاع قشره أو شوكه باليد يقال : « من دون ذلك خرط القتاد » أي إنه لا ينال إلا بمشقة عظيمة.
(٣) أبو عبد الله : حذيفة بن اليمان ، واسم اليمان : حسل أو حسيل ، وإنما سمي باليمان لأنه : أصاب دما فهرب إلى المدينة فحالف بني عبد الأشهل ، فسماه قومه اليمان لكونه حالف اليمانية.
كان رحمهالله من كبار صحابة النبي صلىاللهعليهوآله هاجر إليه ، فخيره النبي صلىاللهعليهوآله بين الهجرة والنصرة ، فاختار النصرة ، وكان يقول :
خيرني رسول الله صلىاللهعليهوآله بين الهجرة والنصرة فاخترت النصرة. وشهد مع النبي صلىاللهعليهوآله أحدا وقتل أبوه بها.
وهو صاحب سر رسول الله صلىاللهعليهوآله في المنافقين. أعلمه بهم رسول الله صلىاللهعليهوآله وقد قيل إن عمر بن الخطاب كان إذا مات ميت يسأل عن حذيفة فإن حضر الصلاة عليه صلى عليه عمر ، وإن لم يحضر الصلاة ، لم يحضر عمر. وفي الصحيحين : إن أبا الدرداء قال لعلقمة :
أليس فيكم صاحب السر الذي لا يعلمه غيره؟ يعني حذيفة.
وروى مسلم عن عبد الله بن يزيد الخطمي عن حذيفة قال : لقد حدثني رسول الله صلىاللهعليهوآله ما كان وما يكون حتى تقوم الساعة.
وسئل يوما : أي الفتن أشد؟ قال : أن يعرض عليك الخير والشر لا تدري أيهما تركب.
وقال أبو إدريس الخولاني : سمعت حذيفة يقول : كان الناس يسألون رسول الله صلىاللهعليهوآله عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني.