المهاجرين والأنصار وعرضه عليهم لما قد أوصاه بذلك رسول الله صلىاللهعليهوآله فلما فتحه أبو بكر خرج في أول صفحة فتحها فضائح القوم فوثب عمر وقال يا علي اردده فلا حاجة لنا فيه فأخذه عليهالسلام وانصرف ثم أحضروا زيد بن ثابت وكان قاريا للقرآن فقال له عمر إن عليا جاء بالقرآن وفيه فضائح المهاجرين والأنصار وقد رأينا أن نؤلف القرآن ونسقط منه ما كان فضيحة وهتكا للمهاجرين والأنصار فأجابه زيد إلى ذلك ثم قال فإن أنا فرغت من القرآن على ما سألتم وأظهر علي القرآن الذي ألفه أليس قد بطل كل ما عملتم؟ قال عمر فما الحيلة؟ قال زيد أنتم أعلم بالحيلة فقال عمر ما حيلته دون أن نقتله ونستريح منه فدبر في قتله على يد خالد بن الوليد فلم يقدر على ذلك وقد مضى شرح ذلك.
فلما استخلف عمر سأل عليا عليهالسلام أن يدفع إليهم القرآن فيحرفوه فيما بينهم فقال يا أبا الحسن إن جئت بالقرآن الذي كنت قد جئت به إلى أبي بكر حتى نجتمع عليه فقال عليهالسلام هيهات ليس إلى ذلك سبيل إنما جئت به إلى أبي بكر لتقوم الحجة عليكم ولا ( تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ ) أو تقولوا ما جئتنا به إن القرآن الذي عندي ( لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ ) والأوصياء من ولدي قال عمر فهل لإظهاره وقت معلوم؟ ـ فقال عليهالسلام نعم إذا قام القائم من ولدي يظهره ويحمل الناس عليه فتجري السنة به صلوات الله عليه (١).
وقال سليم بن قيس بينا أنا وحبش بن معمر بمكة إذ قام أبو ذر وأخذ بحلقة الباب ثم نادى بأعلى
__________________
ـ ولما قام ثالث القوم نافجا حضنيه ـ كما قال أمير المؤمنين (عليهالسلام) ـ بين نثيله ومعتلفه وقام معه بنو أبيه يخضمون مال الله خضم الإبل نبتة الربيع كان من الطبيعي أن يشتد نكير أبي ذر على الدولة الأموية ، والسلالة الخبيثة ، والشجرة الملعونة.
فأرسل إليه عثمان « ٢٠٠ » دينار بيد موليين له وقال لهما انطلقا إلى أبي ذر وقولا له : إن عثمان يقرؤك السلام ويقول : هذه « ٢٠٠ » دينار فاستعن بها على ما نابك. فقال أبو ذر : هل أعطى أحدا من المسلمين مثل ما أعطاني؟ قالا : لا. فردها عليه.
ودخل يوما على عثمان ، وكانوا يقتسمون مال عبد الرحمن بن عوف وكان عنده كعب فقال عثمان لكعب : ما تقول فيمن جمع هذا المال فكان يتصدق منه ، ويعطي في السبل ويفعل ويفعل؟ قال كعب : إني لأرجو له خيرا ، فغضب أبو ذر ورفع العصا على كعب وقال :
« يا ابن اليهودية أنت تعلمنا معالم ديننا ، وما يدريك ليودن صاحب هذا المال يوم القيامة لو كانت عقارب تلسع السويداء من قلبه ».
ولما اشتد إنكاره على عثمان نفاه إلى الشام ، فواصل النكير على عثمان ومعاوية ، وكان يقول : والله إني لأرى حقا يطمى ، وباطلا يحيى ، وصادقا مكذبا ، وأثرة بغير تقى وصالحا مستأثرا عليه.
فكتب معاوية بذلك إلى عثمان فكتب إليه أن احمل أبا ذر على باب صعبة ، وقتب ثم ابعث من ينجش به نجشا عنيفا حتى يدخل به علي
ثم نفاه عثمان إلى الربذة وشيعه عند خروجه إلى الربذة أمير المؤمنين ، والحسن والحسين (عليهمالسلام) ومات رحمهالله في الربذة سنة (٣٢) وصلى عليه ابن مسعود.
خلاصة العلامة ص ٣٦ ، رجال الكشي ص ٢٧ تهذيب التهذيب ج ١٢ ص ٩٠ حلية الأولياء ج ١ ص ١٥٦ ، صفة الصفوة ج ١ ص ٢٣٨ وج ١ من رجال المامقاني ، ورجال الشيخ الطوسي ص ١٣ ـ ٣٦.
(١) ذكر المجلسي في بحار الأنوار ج ٨ ص ٤٦٣ بعد نقل هذه الرواية عن الاحتجاج ما يلي :
أقول : روى الصدوق (ره) مختصرا من هذا الاحتجاج عن أبيه وابن الوليد معا عن سعد بن يزيد عن حماد بن عيسى عن اذينة عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس.