وهذا طلحة والزبير ليسا من أهل النبوة ولا من ذرية الرسول حين رأيا أن قد رد علينا حقنا بعد أعصر فلم يصبرا حولا كاملا ولا شهرا كاملا حتى وثبا علي دأب الماضين قبلهما ليذهبا بحقي ويفرقا جماعة المسلمين عني ثم دعا عليهما
وعن سليم بن قيس الهلالي قال : لما التقى أمير المؤمنين عليهالسلام بأهل البصرة يوم الجمل نادى الزبير يا أبا عبد الله اخرج إلي فخرج الزبير ومعه طلحة فقال لهما والله إنكما لتعلمان وأولو العلم من آل محمد وعائشة بنت أبي بكر أن كل أصحاب الجمل ملعونون على لسان محمد صلىاللهعليهوآله ( وَقَدْ خابَ مَنِ افْتَرى ).
قالا كيف نكون ملعونين ونحن أصحاب بدر وأهل الجنة فقال عليهالسلام لو علمت أنكم من أهل الجنة لما استحللت قتالكم فقال له الزبير أما سمعت حديث سعيد بن عمرو بن نفيل وهو يروي أنه سمع من رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول عشرة من قريش في الجنة؟ قال علي عليهالسلام سمعته يحدث بذلك عثمان في خلافته فقال الزبير أفترى كذب على رسول الله صلىاللهعليهوآله؟ فقال له علي عليهالسلام لست أخبرك بشيء حتى تسميهم قال الزبير أبو بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وأبو عبيدة بن الجراح وسعيد بن عمرو بن نفيل.
فقال له علي عليهالسلام عددت تسعة فمن العاشر؟ قال له أنت.
قال علي عليهالسلام قد أقررت أني من أهل الجنة وأما ما ادعيت لنفسك وأصحابك فأنا به من الجاحدين الكافرين قال له أفتراه كذب على رسول الله صلىاللهعليهوآله؟ قال عليهالسلام ما أراه كذب ولكنه والله اليقين.
فقال علي عليهالسلام والله إن بعض من سميته لفي تابوت في شعب في جب في أسفل درك من جهنم على ذلك الجب صخرة إذا أراد الله أن يسعر جهنم رفع تلك الصخرة سمعت ذلك من رسول الله صلىاللهعليهوآله وإلا أظفرك الله بي وسفك دمي على يديك وإلا أظفرني الله عليك وعلى أصحابك وسفك دماءكم على يدي وعجل أرواحكم إلى النار فرجع الزبير إلى أصحابه وهو يبكي
وروى نصر بن مزاحم (١) أن أمير المؤمنين عليهالسلام حين وقع القتال وقتل طلحة ـ تقدم على بغلة رسول الله صلىاللهعليهوآله الشهباء بين الصفين فدعا الزبير فدنا إليه حتى اختلف أعناق دابتيهما فقال يا زبير أنشدك بالله أسمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول إنك ستقاتل عليا وأنت له ظالم؟ قال نعم قال فلم جئت؟ قال جئت لأصلح بين الناس فأدبر الزبير وهو يقول :
ترك الأمور التي تخشى عواقبها |
|
لله أجمل في الدنيا وفي الدين |
أتى علي بأمر كنت أعرفه |
|
قد كان عمر أبيك الخير مذ حين |
__________________
(١) نصر بن مزاحم المنقري العطار ، أبو الفضل كوفي مستقيم الطريقة صالح الأمر ، غير أنه يروي عن الضعفاء ، كتبه حسان كما في خلاصة العلامة.