فقلت حسبك من عذل أبا حسن |
|
بعض الذي قلت هذا اليوم يكفيني |
فاخترت عارا على نار مؤججة |
|
أنى يقوم لها خلق من الطين |
نبئت طلحة وسط النقع منجدلا |
|
مأوى الضيوف ومأوى كل مسكين |
قد كنت أنصر أحيانا وينصرني |
|
في النائبات ويرمي من يراميني |
حتى ابتلينا بأمر ضاق مصدره |
|
فأصبح اليوم ما يعنيه يعنيني |
قال وأقبل الزبير على عائشة فقال يا أمه ما لي في هذا بصيرة وإني منصرف فقالت عائشة يا أبا عبد الله أفررت من سيوف ابن أبي طالب فقال إنها والله طوال حداد تحملها فتية أنجاد (١) ثم خرج راجعا فمر بوادي السباع وفيه الأحنف بن قيس قد اعتزل من بني تميم فأخبر الأحنف بانصرافه فقال ما أصنع به إن كان الزبير ألقى بين غارتين من المسلمين وقتل أحدهما بالآخر ثم هو يريد اللحاق بأهله فسمعه ابن جرموز فخرج هو ورجلان معه وقد كان لحق بالزبير رجل من كليب ومعه غلامه فلما أشرف ابن جرموز وصاحباه على الزبير فحرك الرجلان رواحلهما وخلفا الزبير وحده فقال لهما الزبير ما لكما هم ثلاثة ونحن ثلاثة فلما أقبل ابن جرموز قال له الزبير إليك عني فقال ابن جرموز يا أبا عبد الله إني جئتك لأسألك عن أمور الناس قال تركت الناس يضرب بعضهم وجوه بعضهم بالسيف قال ابن جرموز أخبرني عن أشياء أسألك عنها قال هات.
قال أخبرني عن خذلك عثمان وعن بيعتك عليا وعن نقضك بيعته وعن إخراجك عائشة وعن صلاتك خلف ابنك وعن هذا الحرب التي جنيتها وعن لحوقك بأهلك.
فقال أما خذلي عثمان فأمر قدم الله فيه الخطيئة وأخر فيه التوبة ـ وأما بيعتي عليا فلم أجد منها بدا إذ بايعه المهاجرون والأنصار وأما نقضي بيعته فإنما بايعته بيدي دون قلبي وأما إخراجي أم المؤمنين فأردنا أمرا وأراد الله أمرا غيره وأما صلاتي خلف ابني فإن خالته قدمته فتنحى ابن جرموز عنه وقال قتلني الله إن لم أقتلك.
وروي أنه جيء إلى أمير المؤمنين برأس الزبير وسيفه فتناول سيفه وقال طالما والله جلا به الكرب عن وجه رسول الله صلىاللهعليهوآله ولكن الحين ومصارع السوء.
وروي أنه عليهالسلام لما مر على طلحة من بين القتلى قال أقعدوه فأقعد فقال إنه كانت لك سابقة من رسول الله لكن الشيطان دخل في منخريك فأوردك النار.
وروي أنه عليهالسلام مر عليه فقال هذا ناكث بيعتي والمنشئ للفتنة في الأمة والمجلب علي الداعي إلى قتلي وقتل عترتي أجلسوا طلحة فأجلس فقال أمير المؤمنين يا طلحة بن عبيد الله قد وجدت ما وعدني ربي حقا فهل وجدت ما وعدك ربك حقا؟ ثم قال أضجعوا طلحة وسار فقال له بعض من
__________________
(١) انجاد : أشداء شجعان.