وكتب محمد بن أبي بكر (١) إلى معاوية احتجاجا عليه
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
من محمد بن أبي بكر إلى الغاوي معاوية بن صخر سلام الله على أهل طاعة الله ممن هو أهل دين الله وأهل ولاية الله.
أما بعد فإن الله بجلاله وسلطانه خلق خلقا بلا عبث منه ولا ضعف به في قوة ولكنه خلقهم
__________________
(١) محمد بن أبي بكر بن أبي قحافة. وأمه أسماء بنت عميس مر لها ذكر فيما مضى ولد بالبيداء في حجة الوداع.
روي أن أبا بكر خرج في حياة رسول الله صلىاللهعليهوآله في غزاة فرأت أسماء بنت عميس وهي تحته كأن أبا بكر متخضب بالحناء رأسه ولحيته ، وعليه ثياب بيض ، فجاءت الى عائشة فأخبرتها ، فبكت عائشة وقالت ان صدقت رؤياك فقد قتل أبو بكر ان خضابه الدم وان ثيابه اكفانه ، فدخل النبي صلىاللهعليهوآله وهي كذلك فقال : ما ابكاها؟ فذكروا الرؤيا. فقال : ليس كما عبرت عائشة ولكن يرجع أبو بكر ، فتحمل منه أسماء بغلام تسميه محمدا يجعله الله تعالى غيظا على الكافرين والمنافقين.
قال ابن أبي الحديد : ونشؤه في حجر أمير المؤمنين (عليهالسلام) وانه لم يكن يعرف أبا غير علي ، حتى قال أمير المؤمنين عليهالسلام محمد ابني من صلب أبي بكر ، وكان يكنى ( أبا القاسم ) وكان من نساك قريش ، وكان ممن اعان في يوم الدار ، ومن ولده ( القاسم بن محمد ) فقيه أهل الحجاز وفاضلها ، ومن ولد القاسم عبد الرحمن من فضلاء قريش ويكنى ( أبا محمد ) ومن ولد القاسم أيضا أم فروة تزوجها الإمام الباقر أبو جعفر محمد بن علي عليهالسلام.
وكان من حواري أمير المؤمنين (عليهالسلام) ، وخواصه واحد المحامدة التي تأبى ان يعصى الله.
وروى عن حمزة بن محمد الطيار قال : ذكرنا محمد بن أبي بكر عند ابي عبد الله (عليهالسلام) فقال أبو عبد الله (عليهالسلام) : رحمهالله وصلى عليه ، قال لأمير المؤمنين (عليهالسلام) ـ يوما من الأيام ـ : ابسط يدك أبايعك ، فقال : أو ما فعلت؟ قال : بلى ، فبسط يده فقال : أشهد انك إمام مفترض طاعتك وان أبي في النار. فقال أبو عبد الله (عليهالسلام) : كان النجابة من أمه أسماء بنت عميس رحمة الله عليها لا من قبل ابيه. وعن زرارة بن أعين عن جعفر (عليهالسلام) : ان محمد بن أبي بكر بايع عليا (عليهالسلام) على البراءة من ابيه.
وعن شعيب عن أبي عبد الله (عليهالسلام) قال : سمعته يقول : ما من أهل بيت الا ومنهم نجيب من انفسهم ، وانجب النجباء من اهل ( بيت سوء ) محمد بن أبي بكر.
وينسب إليه قوله :
يا أبانا قد وجدنا ما صلح |
|
خاب من أنت أبوه وافتضح |
انما انقذني منك الذي |
|
انقذ الدر من الماء الملح |
يا بني الزهراء أنتم عدتي |
|
وبكم في الحشر ميزاني رجح |
وإذا صح ولائي فيكم |
|
لا ابالي أي كلب قد نبح |
وقتل بمصر قتله معاوية بن خديج ـ وكان فيها واليا من قبل أمير المؤمنين (عليهالسلام) ـ ثم وضعه في جوف حمار ميت واحرقه.
ولما بلغ أمير المؤمنين (عليهالسلام) قتل محمد بن أبي بكر حزن لذلك حزنا شديدا حتى ظهر ذلك عليه وتبين في وجهه ، وقام خطيبا فحمد الله وأثنى عليه إلى أن قال : ألا وان محمد بن أبي بكر قد استشهد رحمة الله عليه وعند الله نحتسبه.
وقيل له (عليهالسلام) قد جزعت على محمد جزعا شديدا يا أمير المؤمنين؟ فقال : وما يمنعني انه كان لي ربيبا وكان لبني أخا ، وكنت له والدا ، أعده ولدا.
ولما سمعت أمه أسماء بقتله كظمت غيظها حتى شخبت ثدياها دما.
وكان استشهاده سنة (٣٧) هجرية.
سفينة البحار ج ١ ص ٣١٢ ، رجال الكشي ص ٦٠ ، خلاصة العلامة ص ١٣٨ ، النجوم الزاهرة ج ١ ص ١١٠