وبالإسناد المقدم ذكره عن أبي محمد العسكري عن علي بن الحسين زين العابدين عليهالسلام أنه قال : كان أمير المؤمنين عليهالسلام قاعدا ذات يوم فأقبل إليه رجل من اليونانيين المدعين للفلسفة والطب فقال له :
يا أبا الحسن بلغني خبر صاحبك وأن به جنونا وجئت لأعالجه فلحقته قد مضى لسبيله وفاتني ما أردت من ذلك وقد قيل لي إنك ابن عمه وصهره وأرى بك صفارا قد علاك وساقين دقيقين ولما أراهما تقلانك فأما الصفار فعندي دواؤه وأما الساقان الدقيقان فلا حيلة لي لتغليظهما والوجه أن ترفق بنفسك في المشي تقلله ولا تكثره ـ وفيما تحمله على ظهرك وتحتضنه بصدرك أن تقللهما ولا تكثرهما فإن ساقيك دقيقان لا يؤمن عند حمل ثقيل انقصافهما وأما الصفار فدواؤه عندي وهو هذا وأخرج دواءه وقال :
__________________
ـ أبو سفيان : أسخن الله عين من قال : ليس هاهنا من يحتشم.
والعجيب أنهم يقولون عنه أنه مات مسلما ، وأبو طالب مات كافرا.
لعنوا بما قالوا ، نحن أعلم بما يقولون ، يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم ، فاصبر على ما يقولون.
وأكثر من هذا عجبا ، وأبعد منه غرابة ، ما لفقته تلك العصابة ، وافترته على الرسول من أنه (صلىاللهعليهوآله) ـ وحاشاه ـ قال عنه أنه في ضحضاح من نار يغلي منه دماغه ، وأنه منتعل بنعلين من نار يغلي منهما دماغه.
ولا أدري وليتني أبدا لا أدري لما ذا يستحق أبو طالب هذا العذاب؟
ألأنه دافع عن رسول الله صلىاللهعليهوآله أم هو الحقد ، والبغض لابن أبي طالب الذي
لعنته بالشام سبعين عاما |
|
لعن الله كهلها وفتاها |
ثم هل تريد أن أزيدك وأزودك من أمثال هذه الأضاليل والأباطيل ، فأذكر لك ما رواه الزهري عن عروة بن الزبير ، عن عائشة قالت : كنت عند رسول الله صلىاللهعليهوآله إذ أقبل العباس وعلي فقال : يا عائشة إن هذين يموتان على غير ملتي ، أو قال : ديني
وفي أخرى بنفس السند عنها أيضا قالت كنت عند النبي فقال : يا عائشة إن سرك أن تنظري إلى رجلين من أهل النار فانظري إلى هذين قد طلعا ، فنظرت فإذا العباس وعلي بن أبي طالب.
أسمعت هذا وبعد فهلا ترفع يدك إلى الدعاء وتقول معي :
« اللهم أدخلني النار التي يقطن فيها علي بن أبي طالب ، واجعلني في الضحضاح الذي فيه أبو طالب ، ولا تدخلني الجنة التي يدخل فيها أبو سفيان ، ومعاوية بن أبي سفيان ، ويزيد بن معاوية فسلام على تلك النار ، ولعنة الله على هذه الجنة ».
ولو لا أبو طالب وابنه |
|
لما مثل الدين شخصا فقاما |
فذاك بمكة آوى وحامى |
|
وذاك بيثرب خاض الحماما |
فلله ذا فاتحا للهدى |
|
ولله ذا للمعالي ختاما |
توفي سلام لله عليه في (٢٦) رجب في آخر السنة العاشرة من مبعث النبي صلىاللهعليهوآله ورثاه أمير المؤمنين عليهالسلام بقوله :
أبا طالب عصمة المستجير |
|
وغيث المحول ونور الظلم |
لقد هد فقدك أهل الحفاظ |
|
فصلى عليك ولي النعم |
ولقاك ربك رضوانه |
|
فقد كنت للطهر من خير عم |