فأقبل الحكم بن أبي العاص وهم في ذلك الذكر والكلام فقال رسول الله اخفضوا أصواتكم فإن الوزغ يسمع وذلك حين رآهم رسول الله صلىاللهعليهوآله ومن يملك بعده منهم أمر هذه الأمة يعني في المنام فساءه ذلك وشق عليه فأنزل الله عز وجل في كتابه : ( وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ) (١) يعني بني أمية وأنزل أيضا ( لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ) فأشهد لكم وأشهد عليكم ما سلطانكم بعد قتل علي إلا ألف شهر التي أجلها الله عز وجل في كتابه.
وأما أنت يا عمرو بن العاص الشانئ اللعين الأبتر فإنما أنت كلب أول أمرك أن أمك بغية ـ وأنك ولدت على فراش مشترك فتحاكمت فيك رجال قريش منهم أبو سفيان بن الحرب والوليد بن المغيرة وعثمان بن الحارث والنضر بن الحارث بن كلدة والعاص بن وائل كلهم يزعم أنك ابنه فغلبهم عليك من بين قريش ألأمهم حسبا وأخبثهم منصبا وأعظمهم بغية ثم قمت خطيبا وقلت أنا شانئ محمد وقال العاص بن وائل إن محمدا رجل أبتر لا ولد له فلو قد مات انقطع ذكره فأنزل الله تبارك وتعالى ( إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ) ـ وكانت أمك تمشي إلى عبد قيس تطلب البغية تأتيهم في دورهم ورحالهم وبطون أوديتهم ثم كنت في كل مشهد يشهده رسول الله من عدوه أشدهم له عداوة وأشدهم له تكذيبا ثم كنت في أصحاب السفينة الذين أتوا النجاشي والمهجر الخارج إلى الحبشة في الإشاطة بدم جعفر بن أبي طالب وسائر المهاجرين إلى النجاشي فحاق المكر السيئ بك وجعل جدك الأسفل وأبطل أمنيتك وخيب سعيك وأكذب أحدوثتك ( وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيا ).
وأما قولك في عثمان ـ فأنت يا قليل الحياء والدين ألهبت عليه نارا ثم هربت إلى فلسطين تتربص به الدوائر فلما أتاك خبر قتله حبست نفسك على معاوية فبعته دينك يا خبيث بدنيا غيرك ولسنا نلومك على بغضنا ولم نعاتبك على حبنا وأنت عدو لبني هاشم في الجاهلية والإسلام وقد هجوت رسول الله صلىاللهعليهوآله بسبعين بيتا من شعر فقال رسول الله اللهم إني لا أحسن الشعر ولا ينبغي لي أن أقوله فالعن عمرو بن العاص بكل بيت ألف لعنة ثم أنت يا عمرو المؤثر دنياك على دينك ـ أهديت إلى النجاشي الهدايا ورحلت إليه رحلتك الثانية ولم تنهك الأولى عن الثانية كل ذلك ترجع مغلوبا حسيرا تريد بذلك هلاك جعفر وأصحابه فلما أخطأك ما رجوت وأملت أحلت على صاحبك عمارة بن الوليد.
وأما أنت يا وليد بن عقبة فو الله ما ألومك أن تبغض عليا وقد جلدك في الخمر ثمانين جلدة وقتل أباك صبرا بيده يوم بدر أم كيف تسبه وقد سماه الله مؤمنا في عشرة آيات من القرآن وسماك فاسقا وهو قول الله عز وجل : ( أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ ) (٢) وقوله ( إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ ) (٣) ـ وما أنت وذكر قريش وإنما أنت ابن
__________________
(١) الإسراء ـ ٦٠.
(٢) السجدة ـ ١٨.
(٣) الحجرات ـ ٦.