فلو قد أمرته يصعد المنبر ويخطب فإن فيه حصرا أو في لسانه كلالة.
فقال لهم معاوية قد ظننا ذلك بالحسن فلم يزل حتى عظم في أعين الناس وفضحنا فلم يزالوا به ـ حتى قال للحسين يا أبا عبد الله لو صعدت المنبر فخطبت.
فصعد الحسين عليهالسلام المنبر فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلىاللهعليهوآله فسمع رجلا يقول من هذا الذي يخطب؟
فقال الحسين عليهالسلام نحن حزب الله الغالبون وعترة رسول الله صلىاللهعليهوآله الأقربون وأهل بيته الطيبون وأحد الثقلين اللذين جعلنا رسول الله صلىاللهعليهوآله ثاني كتاب الله تبارك وتعالى الذي فيه تفصيل كل شيء ( لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ ) والمعول علينا في تفسيره لا يبطئنا تأويله بل نتبع حقائقه فأطيعونا فإن طاعتنا مفروضة ـ أن كانت بطاعة الله ورسوله مقرونة قال الله عز وجل ( أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ ) وقال ( وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ إِلاَّ قَلِيلاً ).
وأحذركم الإصغاء إلى هتوف الشيطان بكم فإِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ فتكونوا كأوليائه الذين قال لهم ( لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ وَقالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ ) فتلقون للسيوف ضربا وللرماح وردا وللعمد حطما وللسهام غرضا ثم لا يقبل من نفس ( إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً ).
قال معاوية حسبك يا أبا عبد الله قد بلغت.
وعن محمد بن السائب (١) أنه قال : قال مروان بن الحكم يوما للحسين بن علي عليهالسلام لو لا فخركم بفاطمة بم كنتم تفتخرون علينا؟
فوثب الحسين عليهالسلام وكان عليهالسلام شديد القبضة فقبض على حلقه فعصره ولوى عمامته على عنقه حتى غشي عليه ثم تركه وأقبل الحسين عليهالسلام على جماعة من قريش فقال :
أنشدكم بالله إلا صدقتموني إن صدقت أتعلمون أن في الأرض حبيبين كانا أحب إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله مني ومن أخي ـ؟ أو على ظهر الأرض ابن بنت نبي غيري وغير أخي؟ قالوا اللهم لا.
قال وإني لا أعلم أن في الأرض ملعون ابن ملعون غير هذا وأبيه طريدي رسول الله والله ما بين جابرس وجابلق أحدهما بباب المشرق والآخر بباب المغرب رجلان ممن ينتحل الإسلام أعدى لله ولرسوله ولأهل بيته منك ومن أبيك إذا كان وعلامة قولي فيك أنك إذا غضبت سقط رداؤك عن منكبك.
__________________
(١) محمد بن السائب عده الشيخ في أصحاب الصادق « عليهالسلام » ص ٢٨٩.