وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا ).
لقد جئتم بها شوهاء صلعاء عنقاء سوداء فقماء خرقاء (١) كطلاع الأرض أو ملء السماء (٢) أفعجبتم أن تمطر السماء دما ( وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزى وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ ) ـ فلا يستخفنكم المهل فإنه عز وجل لا يحفزه البدار (٣) ولا يخشى عليه فوت النار كلا ( إِنَّ رَبَّكَ ) لنا ولهم ( لَبِالْمِرْصادِ ) ثم أنشأت تقول عليهالسلام :
ما ذا تقولون إذ قال النبي لكم |
|
ما ذا صنعتم وأنتم آخر الأمم |
بأهل بيتي وأولادي وتكرمتي |
|
منهم أسارى ومنهم ضرجوا بدم |
ما كان ذاك جزائي إذ نصحت لكم |
|
أن تخلفوني بسوء في ذوي رحمي |
إني لأخشى عليكم أن يحل بكم |
|
مثل العذاب الذي أودى على إرم |
ثم ولت عنهم.
قال حذيم فرأيت الناس حيارى قد ردوا أيديهم في أفواههم فالتفت إلي شيخ في جانبي يبكي وقد اخضلت لحيته بالبكاء ويده مرفوعة إلى السماء وهو يقول بأبي وأمي كهولهم خير كهول ونساؤهم خير نساء وشبابهم خير شباب ونسلهم نسل كريم وفضلهم فضل عظيم ثم أنشد :
كهولكم خير الكهول ونسلكم |
|
إذا عد نسل لا يبور ولا يخزى |
فقال علي بن الحسين يا عمة اسكتي ففي الباقي من الماضي اعتبار وأنت بحمد الله عالمة غير معلمة فهمة غير مفهمة إن البكاء والحنين لا يردان من قد أباده الدهر فسكتت ـ ثم نزل عليهالسلام وضرب فسطاطه وأنزل نساءه ودخل الفسطاط
قال حذيم بن شريك الأسدي : خرج زين العابدين عليهالسلام إلى الناس وأومى إليهم أن اسكتوا فسكتوا وهو قائم فحمد الله وأثنى عليه وصلى على نبيه ثم قال :
أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا علي بن الحسين ـ المذبوح بشط الفرات من غير ذحل ولا ترات أنا ابن من انتهك حريمه وسلب نعيمه وانتهب ماله وسبي عياله أنا ابن من قتل صبرا فكفى بذلك فخرا.
__________________
(١) الشوهاء : القبيحة والفقماء إذا كانت ثناياها العليا الى الخارج فلا تقع على السفلى. والخرقاء : الحمقاء.
(٢) طلاع الأرض : ملؤها.
(٣) يحفزه : يدفعه.