أيها الناس ناشدتكم بالله هل تعلمون أنكم كتبتم إلى أبي وخدعتموه وأعطيتموه من أنفسكم العهد والميثاق والبيعة ثم قاتلتموه وخذلتموه فتبا لكم ما قدمتم لأنفسكم وسوء لرأيكم بأية عين تنظرون إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله ـ يقول لكم قتلتم عترتي وانتهكتم حرمتي فلستم من أمتي.
قال فارتفعت أصوات الناس بالبكاء ويدعو بعضهم بعضا هلكتم وما تعلمون.
فقال علي بن الحسين رحم الله امرأ قبل نصيحتي وحفظ وصيتي في الله وفي رسوله وفي أهل بيته فإن لنا ( فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ).
فقالوا بأجمعهم نحن كلنا يا ابن رسول الله سامعون مطيعون حافظون لذمامك غير زاهدين فيك ولا راغبين عنك فمرنا بأمرك رحمك الله فإنا حرب لحربك وسلم لسلمك لنأخذن ترتك وترتنا ممن ظلمك وظلمنا.
فقال علي بن الحسين عليهالسلام هيهات أيها الغدرة المكرة ـ حيل بينكم وبين شهوات أنفسكم أتريدون أن تأتوا إلي كما أتيتم إلى آبائي من قبل؟ كلا ورب الراقصات إلى منى فإن الجرح لما يندمل قتل أبي بالأمس وأهل بيته معه فلم ينسني ثكل رسول الله صلىاللهعليهوآله وثكل أبي وبني أبي وجدي شق لهازمي ومرارته بين حناجري وحلقي وغصصه تجري في فراش صدري ومسألتي أن لا تكونوا لنا ولا علينا.
ثم قال عليهالسلام :
لا غرو أن قتل الحسين وشيخه |
|
قد كان خيرا من حسين وأكرما |
فلا تفرحوا يا أهل كوفة بالذي |
|
أصيب حسين كان ذلك أعظما |
قتيل بشط النهر نفسي فداؤه |
|
جزاء الذي أرداه نار جهنما |
وعن ديلم بن عمر قال : كنت بالشام حتى أتي بسبايا آل محمد صلىاللهعليهوآله فأقيموا على باب المسجد حيث تقام السبايا وفيهم علي بن الحسين فأتاهم شيخ من أشياخ أهل الشام فقال :
الحمد لله الذي قتلكم وأهلككم وقطع قرون الفتنة فلم يأل عن سبهم وشتمهم ـ فلما انقضى كلامه.
قال له علي بن الحسين عليهالسلام إني قد أنصت لك حتى فرغت من منطقك وأظهرت ما في نفسك من العداوة والبغضاء فأنصت لي كما أنصت لك فقال له هات.
قال علي عليهالسلام أما قرأت كتاب الله عز وجل؟ قال نعم.
فقال له عليهالسلام أما قرأت في الآية : ( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ). قال بلى.