ونوع آخر منه خطفة وسرعة ومخاريق وخفة.
ونوع آخر ما يأخذ أولياء الشياطين عنهم.
قال فمن أين علم الشياطين السحر؟
قال من حيث عرف الأطباء الطب بعضه تجربة وبعضه علاج.
قال فما تقول في الملكين هاروت وماروت وما يقول الناس بأنهما يعلمان الناس السحر؟
قال إنهما موضع ابتلاء وموقع فتنة تسبيحهما اليوم لو فعل الإنسان كذا وكذا ـ لكان كذا وكذا ولو يعالج بكذا وكذا لكان كذا أصناف السحر فيتعلمون منهما ما يخرج عنهما فيقولان لهم ( إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ ) فلا تأخذوا عنا ما يضركم ولا ينفعكم.
قال أفيقدر الساحر أن يجعل الإنسان بسحره في صورة الكلب أو الحمار أو غير ذلك؟
قال هو أعجز من ذلك وأضعف من أن يغير خلق الله إن من أبطل ما ركبه الله وصوره وغيره فهو شريك الله في خلقه تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا لو قدر الساحر على ما وصفت لدفع عن نفسه الهرم والآفة والأمراض ولنفى البياض عن رأسه والفقر عن ساحته وإن من أكبر السحر النميمة يفرق بها بين المتحابين ويجلب العداوة على المتصافيين ويسفك بها الدماء ويهدم بها الدور ويكشف بها الستور والنمام أشر من وطئ الأرض بقدم فأقرب أقاويل السحر من الصواب أنه بمنزلة الطب إن الساحر عالج الرجل فامتنع من مجامعة النساء فجاء الطبيب فعالجه بغير ذلك العلاج فأبرئ.
قال فما بال ولد آدم فيهم شريف ووضيع؟ قال الشريف المطيع والوضيع العاصي.
قال أليس فيهم فاضل ومفضول؟ قال إنما يتفاضلون بالتقوى.
قال فتقول إن ولد آدم كلهم سواء في الأصل لا يتفاضلون إلا بالتقوى؟
قال نعم إني وجدت أصل الخلق التراب والأب آدم والأم حواء خلقهم إله واحد وهم عبيده إن الله عز وجل اختار من ولد آدم أناسا طهر ميلادهم وطيب أبدانهم وحفظهم في أصلاب الرجال وأرحام النساء أخرج منهم الأنبياء والرسل فهم أزكى فروع آدم فعل ذلك لأمر استحقوه من الله عز وجل ولكن علم الله منهم حين ذرأهم أنهم يطيعونه ويعبدونه ولا يشركون به شيئا فهؤلاء بالطاعة نالوا من الله الكرامة والمنزلة الرفيعة عنده وهؤلاء الذين لهم الشرف والفضل والحسب وسائر الناس سواء ألا من اتقى الله أكرمه ومن أطاعه أحبه ومن أحبه لم يعذبه بالنار!!
قال فأخبرني عن الله عز وجل كيف لم يخلق الخلق كلهم مطيعين موحدين وكان على ذلك قادرا.
قال عليهالسلام لو خلقهم مطيعين لم يكن لهم ثواب لأن الطاعة إذا ما كانت فعلهم لم يكن جنة ولا نار ولكن خلق خلقه فأمرهم بطاعته ونهاهم عن معصيته واحتج عليهم برسله وقطع عذرهم بكتبه ليكونوا هم الذين