قال إذا كان كذلك فأرجه وقف عنده حتى تلقى إمامك فإن الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات والله هو المرشد.
جاء هذا الخبر على سبيل التقدير لأنه قلما يتفق في الأثر أن يرد خبران مختلفان في حكم من الأحكام موافقين للكتاب والسنة وذلك مثل غسل الوجه واليدين في الوضوء لأن الأخبار جاءت بغسلهما مرة مرة وغسلهما مرتين مرتين فظاهر القرآن لا يقتضي خلاف ذلك بل يحتمل كلتا الروايتين ومثل ذلك يؤخذ في أحكام الشرع.
وأما قوله عليهالسلام للسائل أرجه وقف عنده حتى تلقى إمامك أمره بذلك عند تمكنه من الوصول إلى الإمام فأما إذا كان غائبا ولا يتمكن من الوصول إليه والأصحاب كلهم مجمعون على الخبرين ولم يكن هناك رجحان لرواة أحدهما على الآخر بالكثرة والعدالة كان الحكم بهما من باب التخيير.
يدل على ما قلنا ما روي عن الحسن بن الجهم (١) عن الرضا عليهالسلام قال قلت للرضا عليهالسلام تجيئنا الأحاديث عنكم مختلفة؟
قال ما جاءك عنا فقسه على كتاب الله عز وجل وأحاديثنا فإن كان يشبههما فهو منا وإن لم يشبههما فليس منا.
قلت يجيئنا الرجلان وكلاهما ثقة بحديثين مختلفين فلا نعلم أيهما الحق.
فقال إذا لم تعلم فموسع عليك بأيهما أخذت.
ما رواه الحارث بن المغيرة (٢) عن أبي عبد الله عليهالسلام قال إذا سمعت من أصحابك الحديث وكلهم ثقة فموسع عليك حتى ترى القائم فترده عليه.
وروى سماعة بن مهران (٣) قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام قلت يرد علينا حديثان واحد يأمرنا بالأخذ به والآخر ينهانا عنه؟
__________________
(١) الحسن بن الجهم بن بكير بن أعين : أبو محمد الشيباني ثقة روى عن أبي الحسن موسى والرضا عليهماالسلام ذكره العلامة في القسم الأول من خلاصته ص ٤٣ والنجاشي في رجاله ص ٤٠ والشيخ في أصحاب الكاظم ص ٣٤٧ من رجاله.
(٢) قال العلامة في القسم الأول من خلاصته ص ٥٥ الحرث بن المغيرة النصري ـ بالنون والصاد غير المعجمة ـ روى الكشي عن محمد بن قولويه قال : حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن عبد الله بن محمد الحجال عن يونس بن يعقوب قال : كنا عند أبي عبد الله « عليهالسلام » فقال : أما لكم من مفزع! أما لكم من مستراح تستريحون إليه! ما يمنعكم من الحرث بن المغيرة النصري؟ وروى حديثا في طريقه سجادة : أنه أهل الجنة.
وقال النجاشي : حارث بن المغيرة النصري من بني نصر بن معاوية بصري عربي روى عن أبي جعفر الباقر والصادق والكاظم « عليهمالسلام » وعن زيد بن علي عليهالسلام ثقة ثقة.
(٣) قال النجاشي ص ١٤٦ من رجاله : « سماعة بن مهران بن عبد الرحمن الحضرمي مولى عبد بن وائل بن حجر الحضرمي يكنى : أبا ناشرة وقيل : أبا محمد كان يتجر في القز ويخرج به إلى حران ، ونزل من الكوفة كندة ، روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن « عليهماالسلام » ومات بالمدينة ثقة وله بالكوفة مسجد بحضرموت وهو مسجد زرعة بن محمد الحضرمي بعده ، وذكره أحمد بن الحسين رحمهالله وأنه وجد في بعض الكتب أنه مات سنة خمس وأربعين ومائة في حياة أبي عبد الله ، وذلك أن أبا عبد الله « عليهالسلام » قال : إن رجعت لم ترجع إلينا فأقام عنده فمات في تلك السنة ، وكان