قالوا اللهم نعم.
فقال أبو عبد الله عليهالسلام ويحك يا أبا حنيفة إن الله لا يقول إلا حقا.
فقال أبو حنيفة ليس لي علم بكتاب الله إنما أنا صاحب قياس.
قال أبو عبد الله فانظر في قياسك إن كنت مقيسا أيما أعظم عند الله القتل أو الزنا؟
قال بل القتل.
قال فكيف رضي في القتل بشاهدين ولم يرض في الزنا إلا بأربعة؟ ثم قال له الصلاة أفضل أم الصيام؟ قال بل الصلاة أفضل.
قال عليهالسلام فيجب على قياس قولك على الحائض قضاء ما فاتها من الصلاة في حال حيضها دون الصيام وقد أوجب الله تعالى عليها قضاء الصوم دون الصلاة.
قال له عليهالسلام البول أقذر أم المني؟
قال البول أقذر.
قال عليهالسلام يجب على قياسك أن يجب الغسل من البول دون المني ـ وقد أوجب الله تعالى الغسل من المني دون البول.
قال إنما أنا صاحب رأي.
قال عليهالسلام فما ترى في رجل كان له عبد فتزوج وزوج عبده في ليلة واحدة فدخلا بامرأتيهما في ليلة واحدة ثم سافرا وجعلا امرأتيهما في بيت واحد وولدتا غلامين فسقط البيت عليهم فقتل المرأتين وبقي الغلامان أيهما في رأيك المالك وأيهما المملوك وأيهما الوارث وأيهما الموروث؟
قال إنما أنا صاحب حدود.
قال فما ترى في رجل أعمى فقأ عين صحيح وأقطع قطع يد رجل كيف يقام عليهما الحد؟
قال إنما أنا رجل عالم بمباعث الأنبياء.
قال فأخبرني عن قول الله لموسى وهارون حين بعثهما إلى فرعون ( لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى ) ولعل منك شك؟ (١) قال نعم.
قال وكذلك من الله شك إذ قال ( لَعَلَّهُ ) قال أبو حنيفة لا علم لي.
قال عليهالسلام تزعم أنك تفتي بكتاب الله ولست ممن ورثه وتزعم أنك صاحب قياس وأول من قاس
__________________
(١) طه ـ ٤٤.