فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : يا أبا جهل فإن كان لا يلزمك تصديق هؤلاء على كثرتهم وشدة تحصيلهم فكيف تصدق بمآثر آبائك وأجدادك ومساوي أسلاف أعدائك وكيف تصدق على الصين والعراق والشام إذا حدثت عنها وهل المخبرون عن ذلك إلا دون هؤلاء المخبرين لك عن هذه الآيات مع سائر من شاهدها معهم من الجمع الكثيف الذين لا يجتمعون على باطل يتخرصونه إلا إذا كان بإزائهم من يكذبهم. ويخبر بضد أخبارهم ألا وكل فرقة محجوجون بما شاهدوا وأنت يا أبا جهل محجوج بما سمعت ممن شاهده
ثم أخبره النبي صلىاللهعليهوآله بما اقترح عليه من آيات عيسى من أكله لما أكل وادخاره في بيته لما ادخر من دجاجة مشوية وإحياء الله تعالى إياها وإنطاقها بما فعل بها أبو جهل وغير ذلك على ما جاء به في هذا الخبر فلم يصدقه أبو جهل في ذلك كله بل كان يكذبه وينكر جميع ما كان النبي صلىاللهعليهوآله يخبره به من ذلك إلى أن قال النبي لأبي جهل.
أما كفاك ما شاهدت أم تكون آمنا من عذاب الله قال أبو جهل إني لأظن أن هذا تخييل وإيهام.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله فهل تفرق بين مشاهدتك لها وسماعك لكلامها يعني الدجاجة المشوية التي أنطقها الله له وبين مشاهدتك لنفسك ولسائر قريش والعرب وسماعك كلامهم؟ قال أبو جهل لا.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله فما يدريك إذا أن جميع ما تشاهد وتحس بحواسك تخييل؟ قال أبو جهل ما هو تخييل.
قال رسول الله صلىاللهعليهوآله ولا هذا تخييل وإلا فكيف تصحح أنك ترى في العالم شيئا أوثق منه تمام الخبر
رسالة لأبي جهل إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله لما هاجر إلى المدينة والجواب عنها بالرواية عن أبي محمد الحسن العسكري عليهالسلام.
وهي أن قال يا محمد إن الخيوط التي في رأسك هي التي ضيقت عليك مكة ورمت بك إلى يثرب وإنها لا تزال بك تنفرك وتحثك على ما يفسدك ويتلفك إلى أن تفسدها على أهلها وتصليهم حر نار جهنم وتعديك طورك ـ وما أرى ذلك إلا وسيئول إلى أن تثور عليك قريش ثورة رجل واحد لقصد إثارك ودفع ضرك وبلائك فتلقاهم بسفهائك المغترين بك ويساعدك على ذلك من هو كافر بك مبغض لك فيلجئه إلى مساعدتك ومظافرتك خوفه لأن لا يهلك بهلاكك ويعطب عياله بعطبك ويفتقر هو ومن يليه بفقرك وبفقر شيعتك إذ يعتقدون أن أعداءك إذا قهروك ودخلوا ديارهم عنوة لم يفرقوا بين من والاك وعاداك واصطلموهم (١) باصطلامهم لك وأتوا على عيالاتهم وأموالهم بالسبي والنهب ـ كما يأتون على أموالك وعيالك وقد أعذر من أنذر وبالغ من أوضح.
وأديت هذه الرسالة إلى محمد وهو بظاهر المدينة بحضرة كافة أصحابه وعامة الكفار من يهود بني إسرائيل ـ
__________________
(١) اصطلموهم : استأصلوهم.