مغضبا فاحذروني لا أقع في أشعاركم وأبشاركم (١) فهو يخبركم على المنبر أني مجنون وكيف يحل لكم أن تولوا مجنونا.
وأخبرني يا أبا الهذيل عن قيام عمر وقوله وددت أني شعرة في صدر أبي بكر ثم قام بعدها بجمعة فقال إن بيعة أبي بكر كانت فلتة وقى الله شرها فمن دعاكم إلى مثلها فاقتلوه (٢) فبينما هو يود أن يكون شعرة في صدره وبينما هو يأمر بقتل من بايع مثله ـ.
فأخبرني يا أبا الهذيل عن الذي زعم أن النبي صلىاللهعليهوآله لم يستخلف وأن أبا بكر استخلف عمر وأن عمر لم يستخلف فأرى أمركم بينكم متناقضا.
وأخبرني يا أبا الهذيل عن عمر حين صيرها شورى بين ستة وزعم أنهم من أهل الجنة فقال إن خالف اثنان لأربعة فاقتلوا الاثنين وإن خالف ثلاثة لثلاثة فاقتلوا الثلاثة الذين ليس فيهم عبد الرحمن بن عوف فهذا ديانة أن يأمر بقتل أهل الجنة.
وأخبرني يا أبا الهذيل عن عمر لما طعن دخل عليه عبد الله بن عباس قال فرأيته جزعا فقلت يا أمير المؤمنين ما هذا الجزع؟
قال يا ابن عباس ما جزعي لأجلي ولكن جزعي لهذا الأمر من يليه بعدي.
قال قلت ولها طلحة بن عبيد الله.
قال رجل له حدة كان النبي صلىاللهعليهوآله يعرفه فلا أولي أمر المسلمين حديدا ـ.
قال قلت ولها زبير بن العوام قال رجل بخيل رأيته يماكس امرأته في كبة من غزل فلا أولي أمور المسلمين بخيلا.
قال قلت ولها سعد بن أبي وقاص قال رجل صاحب فرس وقوس وليس من أحلاس الخلافة. (٣)
قال قلت ولها عبد الرحمن بن عوف قال رجل ليس يحسن أن يكفي عياله.
__________________
(١) روى الطبري في ج ٣ ص ٢١٠ من تاريخه مرفوعا عن عاصم بن عدي قال : نادى منادي أبي بكر ... إلى أن قال : وقام في الناس فحمد الله وأثنى عليه وقال : « يا أيها الناس إنما أنا مثلكم ، وإني لا أدري لعلكم ستكلفوني ما كان رسول الله صلىاللهعليهوآله يطيق ، إن الله اصطفى محمدا على العالمين وعصمه من الآفات ، وإنما أنا متبع ولست مبتدع ، فان استقمت فتابعوني ، وإن زغت فقوموني ، وإن رسول الله صلىاللهعليهوآله قبض وليس أحد من هذه الأمة يطلبه بمظلمة ، ضربة سوط فما دونها ، ألا وإن لي شيطانا يعتريني ، فإذا أتاني فاجتنبوني ، لا اوثر في أشعاركم وأبشاركم ... الخ ».
(٢) ذكر الطبري في تاريخه ج ٣ ص ٢٠٠ أن عمر قال ـ وهو على المنبر ـ : أريد أن أقول مقالة قد قدر أن أقولها ، من وعاها وعقلها وحفظها فليحدث بها الى أن قال : فلا يغرن امرؤ أن يقول : إن بيعة أبي بكر كانت فلتة ، فقد كانت كذلك غير أن الله وقى شرها ... الخ.
(٣) الأحلاس : جمع حلس يقال : فلان حلس بيته : أي ملازم له تشبيها له بحلس البعير وهو : كساء رقيق يكون تحت البرذعة ، والمراد ليس من أهلها.